ولكن اذا ماشاب الحياة الدُنيا , الضيم , القهر , الإستعباد , التهميش , الإستكْبار , التعالى , عدم الإعتراف بالأخر , هضم الحقُوق , الإضْطهاد , التمييّز العُنصرى القائم على معايير تمييزيّة , وسياسة الفصل العُنصرى المثير للإشمئزاز والتقزز
إنّ الأمنْ والإسْتقرار
والتمتُع بحياة ممْزوجة بالرفاهيّة , وكفالة الحقُوق وأداءْ الواجبات الوطنيّة على
أكمل وجه , فضلاً عن التمتُع بالمساواة فى تحمّل تلك الواجبات الوطنيّة وتلقى
الحقُوق , خاصةً المساواة فى تقلّد الوظائف الحكوميّة المتعلقة بإدارة البلاد , وأنّه من حقْ كل مواطن أن
يُساهم بشكل فعّال فى ادارة وطنه , بكُل شفافيّة ونزاهة وحُكم رشيد , على ان تكُون
المعايير المعمُول بها فى عمليّة الإخْتيار, الكفاءة ,والخبرة العمليّة والعلميّة
, بعيداً عن المحسوبيّة والوساطة والقرابة وغير ذلك من عوامل الفساد الإدارى .
كما انّه ينبغى على كُل
الحكُومات ان تعامل مواطنيها , معاملة إنسانيّة كريمة يحفظ كرامتهم الأصيلة , التى
كفلها الخالقْ فى بنى الإنسان , قبل ان يعترف بها الإنسان نفسه , فضلاً عن حقْ كُل
فرد فى اى مجتمع بشرى فى التُمتع بالحريّات الأساسيّة دون ايّة تمييّز قائم على
اساس – الجنس – اللون – العرق – الأصل القومى – الرأى السياسى وغير السياسى –
الديانة ...الخ , وغير ذلك من المعايير التمييزيّة , المرفوضة أصلا فى كافّة
الصكُوك والإتفاقيّات الدوليّة , فضلاً عن ميثاق الأُمم المُتحدة الصادرة فى العام
1945م .
ونحنُ من جانبنا نعتقد أن كل
المحاسن سابقة الذكر , أُمنيّة وطموحات وأمال
كل المجتمعات البشريّة بمختلف اعراقهمْ ودياناتهمْ .
ولكن اذا ماشاب الحياة
الدُنيا , الضيم , القهر , الإستعباد , التهميش , الإستكْبار , التعالى , عدم
الإعتراف بالأخر , هضم الحقُوق , الإضْطهاد , التمييّز العُنصرى القائم على معايير
تمييزيّة , وسياسة الفصل العُنصرى المثير للإشمئزاز والتقزز ...الخ , فإذا ما
توافرت بعض او جل تلك العناصر فى اى مجتمع بشرى , فإن الوضع لامُحالة , قابل
للإنفجار فى اى لحظة .
إن مسألة حقُوق الإنسان , من
الموضوعات التاريخيّة الضاربة فى عُمق الحضارة الإنْسانيّة , بصور عامّة , فضلاً
عن إحتواءْ الأديان السماويّة الثلاثة , لتلك المبادىءْ والقيّم الإنْسانيّة
الأساسيّة , ومنذ ذلك العهد القديم , وعجلة حقُوق الإنسان فى تطور مُستمر , ويتمثل
هذا التطور فى العديدْ من الصكُوك والمواثيق الدوليّة الصادرة عن منظمة الأُمم
المُتحدة وأجهزتها الفرعيّة المعنيّة بحقُوق الإنسان .
فمُنذ إنتهاءْ الحرب
العالميّة الثانيّة , والأُمم المُتحدة تصدر العديدْ من الوثائق الدوليّة المعنيّة
بحقُوق الإنسان , حيث تم إصدار ميثاق الأُمم المُتحدة 1945م , الإعْلان العالمى
لحقُوق الإنسان 1948م الذى اصبح فيما بعد قانُوناً دوليّا متعارف عليه على المستوى
الدولى , ومن ثمّ توالت اصدار الصكُوك
الدوليّة التى تكفل وتضمن حماية حقُوق الإنسان على المستوييّن الوطنى والدولى ,
ومن ذلك ايضا الشرعة الدوليّة , الذى يضُم فى صُلبه ( الإعلان العالمى لحقُوق الإنْسان
1948- العهد الدولى الخاص بالحقُوق المدنيّة والسياسيّة 1966, فضلاً عن
البرتكوليين الإضافيين 1977م , واللجنة المعنيّة بمتابعة تنفيذ الإتفاقيّة على
مستوى الدول التى صادقتْ على هذا العهد – وأخيراً العهد الدولى الخاص بالحقُوق
الثقافيّة والإجْتماعيّة 1966م ) .
كما صدر عن المنظمة الدوليّة
العديد من الإعلانات الدوليّة المتعلقة بحقُوق الإنسان , مثل الإعلان العالمى لحقُوق الإنسان 1948-
إعلان طهران 1968- إعلان فيينا 1993م ...الخ , ولا أُريد ان ارزح كثيراً عن
الموضوع الأساسى ( الإستقرار المرهُون بكفالة الحقُوق) .
ومن خلال إستقرائى للوثائقْ
الدوليّة المعنيّة بحقُوق الإنسان , خلصتُ الى نتيجة مفادها , ان جُل تلك
الإتفاقيّات الدولية , تسعى الى سد الزرائع , او الأسباب المؤديّة الى زعزعة حالة
السلم والأمن الدوليين , حيث سعت جميع الإتفاقيّات الى وأد الأسباب الحقيقيّة التى
تدفع بالإنسان الى التمرد وإرتكاب اعمال بربريّة يمكن ان تتسببْ فى إزهاق اروح
كثير من البشر .
فمثلاً الإعْلان العالمى
لحقُوق الإنسان الصادر عن منظمة الأُمم
المتحدة فى العام 1948م , نادى بضرورة إقرار الكرامة الإنسانيّة الإصيلة والحقُوق
الثابتة لكُل البشر , والتى تُمثل ( اى الكرامة الإنسانيّة والحقوق الثابتة ) ,
دعامة اساسية للحُريّة والعدل والسلام فى العالم اجمع .
وأكّد الإعلان العالمى لحقُوق
الإنسان , أن عدم كفالة تلك الحقُوق , حتماً سوف يدفع ببنى البشر الى ارتكاب اعمال
وحشيّة وبربريّة , بسبب الإضطهاد – الضيم
– الأستعباد – الإستكبار – التهميش – الطُغيان- عدم كفالة الحقوق بصورة متساوية –
التمييز وسياسة التفرقة العُنصرية ...الخ
, وبنفس القدر , فإذا ما ألقينا نظرة خاطفة على إعلان طهران 1968م , و‘إعلان فيينا
1993م , فضلاً عن إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفيّة الثالثة , نجد ان كُل تلك
الإتفاقيّات والصكُوك الدوليّة , وغيرها نادتْ , بضرورة إعْمال قيم حقُوق الإنسان
, وعلى ضرورة القضاءْ على الظُلم والطغيان والتمييّز ...الخ .
وإذا ما تتبعنا الصكُوك
الدوليّة الأُخرى المعنيّة بحقوق الإنسان على سبيل المثال , الإتفاقيّات المتعلقة
, بمنع التمييز العنصرى , نجد أن تلك الإتفاقيّات , نادت بضرورة , وأْد أسباب
التفرقة العُنصرية وسياسة التمييز العنصرى , والتأكيد على المساواة بين بين جميع
البشر فى جميع الحقُوق المدنيّة – السياسيّة – الإقتصاديّة – الثقافيّة , دون اى
تمييز , وفى أزمان سابقة , عانت البشريّة من نتائج التمييز العنصرى وسياسة الفصل
العنصرى , خاصّةً فى دولة جنوب إفريقيا – الولايات المتحدة الأمريكية ...الخ ,
تلكُم العنصريّة البغيضة القائمة على اساس اللون – التفوق العنصرى – الأصل القومى
– العرق – الديانة ...الخ .
وللأسف ماتزال البشريّة
تُعانى حتى اللحظة , من سمُوم العنصريّة فى بعض المناطق , خاصةّ التمييز العنصرى
القائم على فكرة سُمو , عُنصر او عرق على اخر , وبالتالى فإن كافّة انواع التمييز
العنصرى مرفوض بموجبْ القانُون الدولى , وذلك من خلال الوثائق الدوليّة التى تهدف
الى القضاءْ على التمييز العنصرى , بمختلف اشكاله وصوره , وذلك مثل الإتفاقيّة
الدوليّة للقضاءْ على التمييز العنصرى 1963م , إعلان القضاءْ على جميع اشكال
التمييز العُنصرى 1965م , الإتفاقيّة الدوليّة لتجريم الفصل العُنصرى 1973م ,
فضلاً عن الإتفاقيّات الدوليّة المتعلقة بمنعْ كافّة انواع التمييز القائم على
اساس الجنس ( المرأة ) , والتمييز فى مجال التعليم ...الخ .
كما نادتْ الإتفاقيّات
الدوليّة المعنيّة بحقُوق الإنسان , الى ضرورة حماية الأقليّات , ومنعْ الرق
والسخرة والإتجار بالبشريّة , وعلى ضرورة وضع حد لحالات الإختفاءْ القسرى للأشخاص
, وحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيبْ او المعاملات المهينة او الحاطة بكرامة
البشر , وعلى ضرورة إنصاف ضحايا التعذيب والإختفاءات القسريّة , وغيرها من
الإنتهاكات المتعلقة بحقُوق الإنسان بصورة عامّة .
خلاصة القول , يمكن أن نؤكد ,
أن جميع الإتفاقيّات الدوليّة المعنيّة بحقوق الإنسان , نادتْ بضرورة وأد الأسباب
التى تدفع بالإنسان الى التمرد على الوضع , وبصورة خاصّة اذا كانت الأسباب وثيقة
الصلة , بالظلم – الكراهيّة – التمييز العنصرى وسياسة الفصل العنصرى – الإضطهاد –
التهميش التاريخى المنظم والممنهج – القهر – الذل – الإهانة ...الخ .
إنّ الحقْ والعدل والمساواة
هو اساس الحريّة والعدل والسلام على المستويين الوطنى والدولى .
تعليقات
إرسال تعليق