الكرتى يكتب ويقول: الدراسة البحثية: دراسة بحثيّة معمقة عن المحكمة الجنائية الدولية والسودان – حالة إقليم دارفور لِماذا المحكمة الجنائية مختصة بالنظر بالوضع في إقليم دارفور


 

دراسة بحثيّة معمقة عن المحكمة الجنائية الدولية والسودان – حالة إقليم دارفور

لِماذا المحكمة الجنائية مختصة بالنظر بالوضع في إقليم دارفور


الفهرس:

مقدمة

ماهية المحكمة الجنائية الدولية

الحقيقة في إقليم دار فور المنكوب (ماذا حدث؟، وماذا يحدث الآن؟

ماهي الأسباب الموضوعية التي جعلت للمحكمة الجنائية لها اختصاص في أزمة إقليم دار فور

سرد تاريخي للإحداث

المحاكم الجنائية الخاصة التي شكلتها الحكومة السودانية

 العيوب التي صاحبت المحاكم الجنائية الخاصة التي شكلتها الحكومة السودانية

الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها حكومة السودان والتي لها علاقة مباشرة مع حقوق الإنسان

 لجان التحقيق التي شكلتها الحكومة السودانية، لتقصى الحقائق حول جرائم إقليم دار فور

 الحجج الواهية التي تتمسك بها الحكومة السودانية، ومن خلالها ترفض الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية

 الأدلة التي يستند إليها المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك فيما يتعلق بالجرائم الخطيرة التي وقعت في الإقليم

 نبذه عن المطلوب القبض عليهم في السودان

أولا المتهم/ احمد محمد هارون (احمد هارون)

ثانيا المتهم/ على محمد على عبد الرحمن (على كشيب)

التهم التي وجهت إلى السيد / احمد محمد هارون (احمد هارون)

جرائم الحرب، جرائم ضد الإنسانية

التهم التي وجهت إلى المتهم/ على محمد على عبدا لرحمن (على كشيب) جرائم الحرب، جرائم ضد الإنسانية

المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية يوجه تهما خطيرة الى المتهم (عمر حسن احمد البشير) جرائم الإبادة الجماعية، جرائم الحرب جرائم الحرب

مضمون الاتفاق التي توصلت اليه الجامعة العربية مع الحكومة السودانية، وذلك فيما يتعلق بمسألة المحكمة الجنائية الدولية

رهان السودان على العالم العربي والإفريقي هو الرهان على السراب بعينه

أين يكمن الحل

نبذه عن جمهورية السودان

أولا: الموقع

ثانيا: الموارد الطبيعية

ثالثا: التقسيم الإداري للسودان

التعريف بإقليم دار فور

أولا: الموقع

ثانيا: الصراعات التي وقعت في الإقليم

أسباب النزاع

ويسألونك عن الجن جويد

مقدمة

إن المحكمة الجنائية كان حلم يراود البشرية منذ زمن بعيد، حتى تحقق الحلم أخيرا، ومن المعلوم انه قبل إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، كانت تقام محاكم خاصة لمحاكمة المجرمين، وذلك مثل محكمة نورم برج، وليبزج، واللتان تم تشكيلاهما عقب الحرب العالمية الثانية، أيضا هناك عدة محاكم خاصة شكلت وذلك مثل، المحاكم الخاصة لكل من يوغسلافيا السابقة، ومحكمة رواندا 1994 م والبوسنة، وكوسوفو، وسيراليون.. الخ. وبدخول المحكمة الجنائية الدولية حيز النفاذ يقطع الطريق أمام تشكيل أي محاكم خاصة ذات طابع جنائي دولي، وذلك مثل تلك المحاكم الخاصة التي تقترحها الجامعة العربية للحكومة السودانية، لمحاكمة الأشخاص المجرمين الذين تورطوا في ارتكاب جرائم خطيرة لا توصف في إقليم دار فور.

ما هيه المحكمة الجنائية الدولية:

إن المحكمة الجنائية الدولية، وكما وردفي نظام روما للعام 1998 م، هي هيئة مستقلة تختص بمحاكمة الأشخاص الذين يرتكبون جرائم خطيرة، محل الاهتمام الدولي، والت تقلق مضجع المجتمع الدولي، وهذه الجرائم هي على سبيل الحصر ثلاثة جرائم على هذا النحو، جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، بالإضافة إلى جريمة العدوان الذي لم يعرف بعد.

إذا الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية، هي تلك الجرائم التي ذكرت سلفا، أما الاختصاص الزمني، فان المحكمة تختص بالنظر في الجرائم التي تقع بعد دخول المحكمة حيز النفاذ، أي منذ العام 2000 م، كما أن المحكمة الجنائية الدولية تحاكم الأفراد الذين يبلغون من العمر أكثر من الثامنة عشرة عاما.

ومنذ أن دخلت المحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ فان الدول التي صادقت على هذا النظام بلغ108 دولة , من بين تلك الدول ثلاثة دول عربية , هي كل من الأردن التي صدقت على النظام الأساسي في 17/يوليو من العام 2007 م  , ودولة جزر القمر الإسلامية التي صدقت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية في 18/ أغسطس من العام 2006 م, وجيبوتي  التي صدقت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية في 5/ نوفمبر من العام 2002, أما الدول التي وقعت على الاتفاقية , ولم تصادق عليها بعد , فيقدر عدد تلك الدول ما يقارب 139 دولة حول العالم من بينها السودان , التي وقعت على النظام الأساسي في العام 2002 م , بينما هناك ثمانية دول عربية لم توقع على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من بينها المملكة العربية السعودية , وموريتانيا , وقطر ...الخ .

ومن الجدير بالذكر أن دول القارة الأفريقية تعتبر أكثر الدول في العالم التي صدقت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية , حيث يبلغ عدد الدول التي صدقت على النظام (30) دولة , وتعتبر مدغشقر أخر الدول التي صدقت النظام , وكان ذلك 14/ مارس 2008 م , وبعد القارة الأفريقية , تأتى في المرتبة الثانية دول اوربا الغربية (25) دولة بينما تأتى دول أمريكا اللاتينية , والكاريبي في المرتبة الثالثة  الذي بلغ عدد الدول المصدقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (23) دولة , تليها مباشرة دول أوربا الشرقية(16) دولة صدقت على النظام , تليها دول أسيا (14) دولة صدقت على النظام , وتعتبر دولة السير ينام أخر الدول التي صدقت على النظام , حيث جاء تصديقها في تاريخ 15/ يوليو 2008 م.

والآن تنظر المحكمة أربعة قضايا، هي كل من قضية جمهورية الكنغو الديمقراطية، وقضية أوغندا، وقضية أفريقيا الوسطي، وأخيرا قضية دار فور – السودان.

الحقيقة في إقليم دار فور المنكوب (ماذا حدث؟، وماذا يحدث الآن؟)

إن الصرعات الأهلية , والتي تأخذ الطابع العرقي في القارة الأفريقية أضحت الصورة الطبيعية لدى كل وسائل الإعلام العالمية , حيث أصبحت القارة الأفريقية منطقة خصبة للصراعات الملتهبة , وأصبحت القارة للأسف تقدم للعالم نموذجا خطيرا  للفوضى العارمة , واضمحلال القانون وعدالته التي هي روحه , ونتيجة للحروب الأهلية انهارت كثيرا من مؤسسات الدول الأفريقية , وأصبحت توصف بالدول الفاشلة , واقرب مثال لذلك دولة الصومال , كما أن الحروب أدت إلى انتشار الأوبئة الخطيرة ( نقص المناعة الطبيعية ) , والجريمة بشتى أنواعها , وانهيار حكم القانون .

في الآونة الأخيرة أشدت وتيرة الحروب الأهلية في القارة الأفريقية , فقد شهدت جمهورية الكنغو الديمقراطية , حرب إقليمية شاملة , قضت على كثير من البشر , وأقعدت التنمية من التقدم , وارتكبت كثير من المذابح ضد البشرية , ومن المعلوم  أن هناك أكثر من عشرة دولة إفريقية اشتركت في تلك الحرب اللعينة , مما دفع البعض الى وصفها بالحرب  العالمية الأفريقية الأولى, أما على صعيد الدول الأفريقية , فقد وقعت نزاعات في كل من , روندا , وبور ندى , والصومال , والسراليون وجيبوتي , وتشاد , وفى ظل صمت عالمي مريب قتل الآلاف  البشر في إقليم دار فور , غرب السودان . حيث تمرد مجموعة من أبناء الإقليم , وذلك بحجة إن الإقليم يعانى من تهميش تاريخي من قبل المركز , والتهميش الذى يعانيه الإقليم,  يشمل  الصعيدين الاقتصادي , والسياسي , حيث شارك في التمرد قبائل بعينها كان لها السواد الأعظم في التمرد من حيث العدد( الزغاوة – الفور – المسا ليت ) , ومن ثم شرعت حكومة السودان بقمع التمرد عسكريا بدلا من الاستجابة لمطالبهم المشروعة والمتواضعة , ويبدو  إن الحكومة السودانية استغلت بعض المظالم الوهمية بين القبائل في دار فور , لقمع التمرد , وروجت لبعض المصطلحات المتناقضة , حيث أطلقت اسم ( العرب ) على القبائل الموالية لها , وهم يعلمون جيدا انهم لا يمتون الى العروبة بصلة , كما أطلقت على القبائل التي تمردت عليها اسم ( الأفارقة أو الزرقة ) , والحق انه ليس هناك فارق ما بين القبائل الموالية لها , أو القبائل المعادية لها , إذ أن كل قبائل دارفور مسلمون ,ويتحدثون العربية . وفى سياق النزاع الدائر منذ العام 2003 م، وحتى تاريخ اللحظة، وقعت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان لا توصف على الإطلاق، حيث قتل الآلاف من البشر ظلما (مدنيين)، حيث تقدر المنظمات الدولية عدد القتلى بأكثر من 220000 ألف شخص، بينما تقدر الحكومة السودانية عدد القتلى ب 10000 ألف شخص، يقول (ص) (حرمة الكعبة على الله عظيمة، وقتل أمرئ واحد اشد حرمة من حرمة الكعبة). وشرد الناس قسريا من ديارهم ,  حيث يقدر عدد الأشخاص الذين شردوا قسريا من ديارهم داخل دار فور , بأكثر من مليونين , ونصف المليون شخص معظمهم من قبائل الزغاوة , والفور , والمسا ليت , هذا فضلا عن 370 ألف شخص عبروا الحدود السودانية فرارا من القتل إلى شرق تشاد , حيث يقيمون في مخيمات تفتقد إلى أقل ما يمكن من مقومات الحياة , كما أحرقت القرى , ونهبت الأموال حيث يقدر عدد القرى التي تم حرقها تماما بأكثر من 7000 الآلاف قرية , وخير شاهد على ذلك ارض الواقع , كما اغتصبت النساء ,والفتيات الصغيرات , حيث استخدم أطراف النزاع الاغتصاب سلاحا في الحرب ,وذلك من اجل إذلال الطرف الأخر , والأخطر من ذلك إن النساء كن يغتصبن أمام أزواجهن , وذلك لقتل الروح لدى أزواجهن , كما إن الفتيات الصغيرات كن يغتصبن أمام الإباء والأمهات , سبحان من خلق السماء بغير عمد , وعندما تغتصب الفتاة , أي كانت , فان الجرح لن يندمل أبدا , إن الأفعال المروعة والخطيرة التي صدمت العالم بأسره , جعل الشيطان , أي إبليس اللعين يقف في حيرة من أمره , جراء الأفعال اللاإنسانية التي قام ويقوم بها أطراف النزاع في الإقليم .

نعم قتل الأطفال، فما بال الأطفال يقتلون ويذبحون، قتل الشيوخ بوحشية فما ذنب هؤلاء، تم اغتصاب الفتيات الصغيرات بعنف وقسوة وتعذيب، وإذا المغتصبة سئلت بأي ذنب اغتصبت؟ أحرقت القرى، نهب الأموال، شرد الناس قسريا من ديارهم. إلى هذا الحد اننى اكتفى، وأقدم عذرا للضحايا في انحنى فشلت في وصف ما حدث في الإقليم، إقليم دار فور المنكوب.

نريد أن نؤكد من الآن فصاعدا أن العدالة، والمسألة أمران أساسيان لتحقيق السلم والأمن الدائمين في إقليم دار فور على وجه الخصوص، ودولة السودان على وجه العموم، يجب أن يسأل أي شخص عن الجرائم التي ارتكبها أي كان، وزير أم خفير، فقير أم غنى، عربي آم عجمي، وقس على ذلك.

ما هي الأسباب الموضوعية التي جعلت للمحكمة الجنائية الدولية اختصاص في الجرائم التي وقعت في إقليم دارفور

سرد تاريخي للإحداث:

في سبتمبر من العام 2004 م تم تكوين لجنة دولية لتقصى الحقائق حول مزاعم الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي في إقليم دار فور , وبالفعل تم تكوين اللجنة والتي كانت برئاسة – السكرتير السابق للام المتحدة السيد  – كوفي أنان , حيث خلصت اللجنة إن في الإقليم وقعت جرائم خطيرة كتلك التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية , جرائم الحرب , وجرائم ضد الإنسانية , ونفت أن تكون جريمة الإبادة الجماعية , غير أنها أكدت أن في الإقليم وقعت جرائم لا تقل خطورة عن جريمة الإبادة الجماعية , غير أن اللجنة في نهاية المطاف  تركت الأمر الى المحكمة الجنائية الدولية كجهة مختصة لتحديد ما اذا كانت جريمة الإبادة الجماعية  قد وقعت في الإقليم أم لا , ومؤخرا اكد مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية أن جريمة الإبادة الجماعية قد وقعت في الاقليم ,حيث وجه الاتهام الى رئيس جمهورية السودان السيد – عمر حسن احمد البشير ( راجع صحيفة الاتهام 14 يوليو 2008 )

كما أن اللجنة الدولية لتقصى الحقائق حول مزاعم الإبادة الجماعية في دارفور، خلص الى أن القضاء السوداني يفتقد الى القدرة، والرغبة معا في محاكمة المجرمين، وان المجرمين سيئو السمعة في دارفور يتطلعون الى الإفلات من العقاب، لأن الحكومة السودانية تشجعهم على ذلك.

استنادا الى التقرير المقدم من اللجنة الدولية، وبعد مناقشات مستفيضة، قرر مجلس الآمن وفى خطوة غير مسبوقة، أحال مجلس الآمن الوضع الخطير والمتأزم في إقليم دارفور (المنطقة الواقعة في غرب السودان الذي يشهد اضطرابات خطيرة) الى مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية، وذلك ابتداء من 2/مايوا للعام 2002 م، وبالفعل باشر السيد / لويس مورينو اوكامبوا أعماله تجاه الوضع الخطير في دارفور، والذي يمثل أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم في الوقت الراهن.

وفى 2/ يونيو من العام 2005 م، أعلن مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية مباشرة التحقيق، أي فتح التحقيق في الحالة (إقليم دارفور)

وبعد يوم واحد من إعلان المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية فتح التحقيق , أنشأت السلطات السودانية ما يسمى , بالمحكمة الجنائية الخاصة  , وذلك لمحاكمة المتهمين في ارتكاب جرائم في دارفور , وهذا أقوى دليل بان الحكومة السودانية غير راغبة في محاكمة مجرمي دار فور , حيث أنها لم تباشر التحقيق في الأمر إلا بعد أن أعلن المدعى العام فتح التحقيق , بعد يوم واحد من إعلان المدعى , وبعد ثلاثة اشهر من صدورا لقرار 1593 من مجلس الأمن  وواضح أن المحاكم الخاصة شكلت بهدف ضحد الادعاءات حول الإفلات مرتكبي حقوق الإنسان المقربين من الحكومة السودانية من العقاب  . حيث باشرت المحاكم الجنائية السودانية الخاصة أعمالها، وذلك كخطوة لعرقلة عمل المحكمة الجنائية الدولية، حيث قامت المحكمة الخاصة بالنظر في عدد (8) دعاوى، ضد (30) مدعى عليهم، وهم على هذا النحو:

عدد (21) عنصرا من القوات العسكرية، وقوات حفظ الآمن السودانية

عدد (9) مدنيين.

والتهم التي وجهت إلى المدعى عليهم تتراوح ما بين، تهم ارتكاب جرائم الاغتصاب، والقتل، وجرائم السرقة، وفى نهاية الأمر جاءت أحكام المحكمة الخاصة على هذا النحو:

عدد (5) أحكام بالسجن لفترات مختلفة عدد (5) أحكام بالإعدام شنقا حتى الموت، حيث نفذت منها حالتان في مايو من العام 2007 م، وتم إطلاق سراح الثلاثة الباقين ممن حكم عليهم بالإعدام.

عدد (11) فردا من جهاز الأمن تم تبرئتهم من ساحة المحكمة.

ويلاحظ أن كل تلكم الأحكام السابقة صدرت ضد أشخاص ذات رتب دنيا، ولم تطرق المحكمة حتى الآن إلى محاكمة المسؤولين العسكريين ذات الرتب العسكرية العليا، غير أن هناك حالة وحيدة حوكم فيها ضابط سوداني ذو رتبة عالية، لكن الغريب في الآمر أن المحكمة برئت ساحته من التهم الوجه إليهم، لأن المحكمة الجنائية الخاصة لا تعترف بالمسؤولية الجزائية عن أعمال المرؤوسين.

كما يلاحظ أن المحكمة الجنائية الخاصة لم تحاكم أي عنصر من عناصر الجن جويد، كما أن المحاكم لا تعكس خطورة الجرائم الخطيرة والممنهجة التي ارتكبت في الإقليم، وذلك مثل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية. ولم تنظر المحكمة الجنائية الخاصة حتى الآن الجرائم الخطيرة التي أشارت إليها اللجنة الدولية لتقصى الحقائق، حيث لم تتطرق المحكمة الى جرائم قتل المدنيين، وأعمال التعذيب، والإخفاء القسري، وأعمال انهب، وحرق القرى والنقل القسري للسكان، والعنف الجنسي والاغتصاب ضد النساء والفتيات الصغيرات.

أيضا من الأسباب التي جعلت الاختصاص للمحكمة الجنائية الدولية، هو أن القانون الجنائي السوداني للعام 1999 , لم يتضمن في نصوصه، جرائم الإبادة الجماعية، أو جرائم الحرب، أو جرائم ضد الإنسانية، لذا فان المحكمة الجنائية الدولية هي المختصة بالنظر في تلك الجرائم استنادا إلى اختصاصها الموضوعي.

كما أن المحكمة الجنائية الدولية مختصة، لأن المحاكم الجنائية الخاصة التي شكلتها الحكومة السودانية تتمتع ببعض الصفات التي تهيئ المسؤوليتين من الإفلات من العقاب، وهذه الصفات هي على النحو الاتي:

أولا:

 المحاكم التي شكلتها الحكومة السودانية، غير مستقلة، وغير نزيهة، ولا يتمتع القضاة بالحيادية التامة.

ثانيا:

 المحاكم لا تراعى المعايير الدولية للمحاكمات العادلة.

ثالثا:

 عدم اعتراف تلك المحاكم بمبدأ مسؤولية الرئيس عن أعمال مرؤوسيه مما سهل الإفلات من العقاب، وخاصة المسؤولين العسكريين ذات الرتب العسكرية العليا، وكذلك المسؤولين المدنيين ذات الرتب العليا من العقاب.

رابعا:

 تمتع مسؤولي القوات العسكرية، وقات الشرطة، والأجهزة الأمنية السودانية المختلفة بالحصانة، والضمانات مما يسهل عليهم الإفلات من العقاب، ويرتكبون جرائمهم بصورة علنية لأنهم يعلمون انهم لا يحاسبون.

خامسا:

 إصدار الرئيس السوداني مراسيم العفو في الحالات التي تكون فيها الحصانات غير كافية (حيث تم إصدار عفو من الرئيس السوداني لضابط سوداني ارتكب جريمة قتل في حق طفل يبلغ من العم ر (13) عاما حيث مات الطفل نتيجة لتعرضه للتعذيب المستمر من قبل الضابط العفو الرئاسي صدر في العام 2006).

سادسا:

الحضانات التي يوفرها الدستور، والتي تحمى الموظفين الرسمين من المحاكمة.

سابعا:

 قانون الأجهزة الأمنية تشجع أفراد الأجهزة الأمنية الى الإفلات من العقاب، حيث نص قانون الأجهزة الأمنية للعام 1990 , وفى المادة (41) حيث تنص المادة (انه لا يجوز إرغام أي عنصر أمنى على الإدلاء باي معلومة أمام أية محكمة؟، وكما انه لا يجوز مباشرة أي دعوى مدنية ضده من دون ادن مسبق من مدير الجهاز الأمني، أيضا انظر الى المادة 46 من قانون الشرطة السودانية للعام 1999م.

أيضا المادة (11) من القانون الجنائي السوداني، يوفر حماية كاملة لبعض الأفراد للإفلات من العقاب.

كل تلك الأسباب سالفة الذكر دفعت المحكمة الجنائية الدولية  لإصدار مذكرة توقيف ضد كل من احمد هارون وزير الدولة بوزارة السودانية السابق , والسيد على كشيب , زعيم الجن جويد , حيث صدر أمر التوقيف في 2/ مايو للعام 2007 م , ولم تبدى الحكومة السودانية أي نية للتعامل والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية , وذلك في ما يتعلق بتسليم الشخصيين سالف الذكر , ومن المعلوم أن الحكومة السودانية ملزمة بالتعاون مع المحكمة الجنائية , وذلك استنادا إلى القرار 1593 الصادر من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة للعام 2005م.

العيوب التي صاحبت المحاكم الجنائية الخاصة التي شكلتها الحكومة السودانية:

أولا:

 أسهمت المحاكم الخاصة التي شكلتها الحكومة السودانية في دارفور، أسهمت في تفاقم حالات الإفلات من العقاب، وخاصة أفراد الشرطة، والأمن.

ثانيا:

 عدم استقلالية تلك المحاكم، وعدم نزاهة القضاة.

ثالثا:

 إنكار حق الضحايا في معرفة الحقيقة، والحصول على التعويض.

رابعا:

 افتقار تلك المحاكم إلى القواعد العامة للمعايير الدولية للمحاكمات العادلة.

خامسا:

 المحاكم الخاصة تسهم بشكل مباشر في عدم محاسبة الأشخاص الذين ينتهكون حقوق الإنسان في دار فور.

كل ما سبق وغيرها من العيوب صاحبت المحاكم الجنائية الخاصة التي شكلتها الحكومة السودانية مؤخرا، ومن المعلوم أن تشكيل تلك المحاكم جاءت لضحد ادعاءات المحكمة الجنائية الدولية من الحكومة السودانية تساهم وتشجع بشكل مباشر في الإفلات المسئولين من العقاب. 

وبالرغم من أن دستور السودان الانتقالي للعام 2005 م ضمن حقوق للإنسان , حيث ورد ذلك في لائحة الحقوق , حيث نص الدستور على الحقوق الأتية : الحق في الحياة كحق أصيل للإنسان , كرامة الإنسان وسلامة الشخص , والحق في الحرية أي حرية الشخص وامنه , والحق في المساواة أمام القانون , والحق في المساواة بين الرجال والنساء , الحق في المحاكمة العادلة , الحق في الحماية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة , الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والتجمعات السلمية , الحق في اختيار محل الإقامة ....الخ .

كما أن السودان صادق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية، وذلك مثل الاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق الإنسان، وذلك مثل الاتفاقيات الآتية:

أولا:

 الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب

ثانيا:

 الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التميز العنصري.

ثالثا:

 العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

رابعا:

 العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

خامسا:

 البرتوكول الاختياري لاتفاقية الطفل حول مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة.

سادسا:

 البرتوكول الاختياري حول حقوق الطفل ومنع الاتجار بالأطفال واستغلالهم جنسيا.

سابعا:

 اتفاقية حقوق الطفل

سابعا:

 اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

ثامنا:

 اتفاقية جنيف الأربعة الصادرة في 12 أغسطس 1949 م.

 

تاسعا:

 البرتوكولان الإضافيان لاتفاقيات جنيف الأربعة. والصادرة في العام 1977

عاشر:

 الاتفاقية الدولية لحماية الملكية الثقافية أثناء النزاعات المسلحة.

وبالرغم من أن السودان قد صادق على كل تلك الاتفاقيات السابقة إلا أن حكومة السودان لم تحترم تنفيذ تلك الاتفاقيات في دارفور على الإطلاق.

لجان التحقيق التي شكلتها الحكومة السودانية لتقصى الحقائق في إقليم دار فور:

شكلت الحكومة السودانية عدة لجان لتقصى الحقائق إلا أن كل تلك اللجان لم تؤد عملها بالشكل المطلوب، وذلك لافتقارها للقواعد والمعايير المتعلقة بالشفافية والموضوعية حول الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبت ضد المدنيين في الاقليم، حيث شكلت الحكومة السودانية اللجان التالية:

أولا:

 أنشأ رئيس الجمهورية لجنة وطنية لتقصى الحقائق في دارفور، وكان ذلك في شهر مايو من العام 2004 م وكان مهمة اللجنة هي التحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت في الإقليم حيث تعرضت اللجنة لضغوط كبيرة وذلك لإجبارها على تقديم تقرير يتفق مع الحكومة السودانية.

ثانيا:

 أنشأت لجنة قضائية برئاسة القاضي – محمد عبد الرحيم، وذلك بناء على مرسوم صادر من الرئاسة السودانية، وكان ذلك في شهر يناير من العام 2005م، وكان مهمة اللجنة هو التحقيق في الانتهاكات الخطيرة التي وقعت في الإقليم. ويعيب اللجنة أنها اقتصرت نشاطها في ولاية شمال دار فور فقط.

ثالثا:

 بجانب اللجنتين السابقتين، تم أنشأ العديد من اللجان، ومن بينها – لجنة تقصى الحقائق برئاسة القاضي – دفع الله الراضي، وكان ذلك في العام 2005 , ومما يعيب اللجنة أنها قامت بالكشف عن أسماء الضحايا والشهود مما عرضهم للمضايقة والانتقام من قبل الأجهزة الأمنية.

نخلص إلى أن كل اللجان التي شكلت من قبل الحكومة السودانية لم تقم بما يجب عليها أن تقوم بها، ولم تفلح اللجان مجتمعة من تقديم أي مسؤول حكومي إلى المسألة الجنائية.

الحجج الواهية التي تحتج بها الحكومة السودانية ومن خلالها ترفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية

أولا:

إن الحكومة السودانية ليس طرف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لأن السودان غير مصادق على نظام روما 1998 م، والمنشئة للمحكمة الجنائية الدولية. والرد على هذه الحجة وضده، أن حالة دار فور تم إحالتها الى المحكمة الجنائية الدولية، عبر مجلس الآمن، وذلك بموجب رقم القرار 1593 الصادر من مجلس الأمن في العام 2005 م، ومن المعلوم أن الاختصاص ينعقد للمحكمة الجنائية إذا توفرت إحدى ثلاثة شروط ومن بينها (الإحالة عن طريق مجلس الآمن).

ثانيا:

سيادة السودان، حيث تقول الحكومة السودانية أن المحكمة الجنائية تتدخل في السيادة السودانية، ولكن من المعلوم أن القانون الجنائي الدولي، بل أن القانون الدولي بصورة عامة يتطور، وليس قانون ثابت أزلي جامد، لذا فان النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لا تعترف بالسيادة الوطنية.

كما أن موضوع السيادة الوطنية للدول تغير بشكل كبير في العالم كله منذ انهيار سور برلين، وأصبحت دولة الحق والقانون تلك الدول التي تحترم حقوق الإنسان، وحقوقه الاجتماعية والسياسية، واستقلال السلطة القضائية.

ثالثا:

الحصانة التي يتمتع بها رؤساء الدول، أيضا الرد في هذا المضمار أن يكون نظام روما 1998 م، لا تعترف بالحصانات، وان المحكمة تختص بالنظر في الجرائم التي يرتكبها الأفراد والتي تقلق مضجع المجتمع الدولي، وكلمة أفراد هنا يعنى أي فرد ارتكب أي من الجرائم التي تختص بها المحكمة الجنائية، وهذا الفرد بغض النظر عن صفته، سواء كان رئيسا، أم خفيرا.

رابعا:

تحتج الحكومة السودانية أيضا بان المحكمة الجنائية تعمل عبر دوافع سياسية.

خامسا:

لماذا لم يقد المجرم جورج بوش، ويهود أولمرت إلى المحكمة الجنائية الدولية.

كل تلك الحجج التي تحتج بها الحكومة السودانية وغيرها من الحجج، تعتبر حجج واهية كخيط العنكبوت.

الأدلة التي يستند إليها المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك فيما يتعلق بالجرائم التي وقعت في إقليم دار فور السوداني:

استد المدعى العام إلى أدلة قوية تثبت وبما لا يدع معه مجالا للشك، أن كل من احمد هارون، وعلى كشيب، قد اشتركا معا من اجل تنفيذ هدف معين وهو إلحاق أكبر أذى بالمدنيين، حيث استند المدعى العام إلى الأدلة الآتية، والتي جاءت في صحيفة الاتهام لكل من احمد هارون، وعلى كشيب، فضلا عن رئيس جمهورية السودان – عمر البشير. حيث استند مكتب مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية الى أدلة استخلصها من المصادر الآتية:

 أولا:

إفادات الشهود التي أدلى بها شهود عيان وضحايا الهجمات التي شنت عليهم وهم في قراهم.

ثانيا:

مقابلات مسجلة لمسئولين حكوميين سودانيين، في الحكومة الحالية – حكومة الإنقاذ الوطني (حزب المؤتمر الحاكم – الحركة الشعبية لتحرير السودان).

ثالثا:

إفادات أدلى بها أشخاص لهم علم بأنشطة المسئولين، والمثلين للحكومة السودانية، ومليشيا الجن جويد في النزاع القائم في إقليم دار فور – المنطقة الواقعة في غرب السودان.

رابعا:

الوثائق، وغيرها من المعلومات التي قدمتها الحكومة السودانية استجابة لطلب مكتب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية – السيد / لويس مورينو اوكامبوا.

خامسا:

تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة التي كانت قد أرسلت الى الإقليم لتقصى الحقائق حول مزاعم الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي الذي وقع في الإقليم، ومن المعلوم أن اللجنة الدولية كانت برئاسة السكرتير السابق للأمم المتحدة السيد /كوفي أنان.

سادسا:

تقرير لجنة التحقيق السودانية الوطنية وغيرها من الأدوات التي قدمتها لجنة التحقيق الوطنية.

سابعا:

تصريحات واعترفت أدلى بها كل من احمد هارون – والسيد رئيس الجمهورية على الملأ.

ثامنا:

الوثائق وغيرها من الأدوات التي تم الحصول عليها من مصادر عامة.

 

نبذه عن المطلوبين:

أولا:

 السيد / احمد محمد هارون (المعروف بأحمد هارون) وزير دولة بوزارة الداخلية الأسبق في السودان – وزير الشؤون الإنسانية حاليا – مطلوب أمام العدالة الجنائية الدولية، ICC.

ثانيا:

 السيد / على محمد على عبد الرحمن (المعروف بعلى كشيب – عقيد العقدة في منطقة وادي صالح – قائد الجن جويد، كان من ضمن القوات النظامية، في السلاح الطبي، أحيل إلى المعاش، وكان برتبة مساعد، قاد عمليات ضد المدنيين في ولايات دار فور، خاصة ولاية غرب دار فور، في شريط وادي صالح (ارو لا – مكجر – بنديسى ...الخ).

الأدلة التي يستند عليها ضد كل من احمد هارون، وعلى كشيب، حيث يملك المدعى أدلة قوية تثبت تورط المتهمين سالف الذكر وهذه الأدلة هي تمثل جرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب ارتكبها كل من احمد هارون – وعلى كشيب، والأدلة على هذا النحو:

أولا:

 قال المدعى العام، أن كل من احمد هارون – وعلى كشيب يتحملان المسؤولية الجنائية الكاملة عن تهم تتعلق بالجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب المزعومة، والتي ارتكبت في الإقليم ضد المدنيين العزل.

ثانيا:

اشترك كل من احمد هارون، وعلى كشيب في تنفيذ هدف مشترك يرمى إلى شن هجمات ضد السكان المدنيين

ثالثا:

 ارتكب كل من احمد هارون – وعلى كشيب، جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، ضد المدنيين في قرى مكجر، وبندسي، وارو لا – والتي تقع في ولاية غرب دار فور، وذلك في الفترة ما بين أغسطس من العام 2003 م، إلى مارس من العام 2004 م.

رابعا:

قام، احمد هارون بتجنيد وتمويل مليشيا الجن جويد، حتى بلغ عددهم عشرات الآلاف.

خامسا:

 في إحدى المرات أدلى السيد – احمد هارون بتصريحات أمام جمع كبير من الناس، كان التصريحات التي أدلى بها مفادها ((بما اننى المسؤول عن مكتب دار فور الأمني، فأنني قد منح لي كل الصلاحيات، والسلطات بقتل أي شخص، أو العفو عنه، من اجل السلم والأمن في إقليم دار فور

سادسا:

الهجمات التي كان يقودها كل من احمد هارون، وعلى كشيب، كان لا يستهدف أي وجود للمتمردين، بل كان الهدف الأول هم المدنيين العزل، وذلك باعتبارهم السند الحقيقي للمتمردين.

سابعا:

في أول أغسطس من العام 2003م، وقبل أن تهاجم القوات الحكومية ومليشيا الجن جويد، على قرية مكجر الواقعة في ولاية غرب دار فور – شريط وادي صالح، ألقى السيد – احمد هارون، خطابا أمام حشد كبير من القوات المسلحة والجن جويد، مفادها ((بما أن أبناء الفور قد أصبحوا متمردين، فان كل أبناء الفور وما يملكونه قد أصبحوا غنيمة حرب لمليشيا الجن جويد، وأردف بالقول، الله أكبر

ثامنا:

السيد / على كشيب، كان يقود ألاف من مليشيا الجن جويد، ويذكر أن السيد – على كشيب كان يصدر الأوامر والتعليمات للقوات المسلحة والجن جويد على السواء، ومفاد التعليمات، هو ضرورة إلحاق الأذى بالمدنيين، وذلك من خلال عمليات الاغتصاب الجماعي، وجرائم جنسية أخرى، بالإضافة إلى عمليات القتل الجماعي، والتعذيب، والأعمال الوحشية، والنهب المسلح للمناطق السكنية، وجرائم إضافية أخرى.

التهم الموجه إلى السيد – احمد محمد هارون (المعروف بأحمد هارون)

بما أن هناك أسباب مؤكدة ومعقولة , والتي تتعلق بأن السيد / احمد هارون كان يشغل منصب وزير الدولة في وزارة الداخلية لحكومة السودان في الفترة ما بين إبريل من العام 2003 م الى سبتمبر من العام 2005 م , أو ما يقارب ذلك , كما أن السيد – هارون كان يدير مكتب دار فور الأمني , وبالتالي كان منسقا بين مختلف الهيئات الحكومية المعنية بمكافحة التمرد بما في ذلك قوات الشرطة , والقوات المسلحة , والأمن الوطني , والمخابرات السودانية , فضلا عن مليشيا الجن جويد سيئو السمعة , كما أن المحكمة الجنائية الدولية تعتقد أن السيد / احمد هارون , وبحكم منصبه الذى كان يتقلده , قام بتجنيد أعداد كبيرة من مليشيا الجن جويد , وقام بتسليحها وتمويلها , حيث ارتكبت تلك المليشيات جرائم خطيرة في حق المدنيين , وتعتقد المحكمة أن السيد / هارون , كان على علم بتلك الجرائم التي كانت ترتكب من قبل مليشيا الجن جويد الشريرة , وانه كان يغض الطرف عنهم , بل كان يشجع على ارتكاب تلك الجرائم المروعة غير المشروعة , لذا فان المحكمة تعتقد أن أن هناك أسبابا معقولة , بان السيد / احمد هارون يتحمل المسؤولية الجنائية وذلك بموجب المادة (25)(3) فقرة (ب) والفقرة (د) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بشان ارتكابه جرائم ضد الإنسانية , وجرائم الحرب.

التهم الموجه إلى السيد – احمد محمد هارون (المعروف بأحمد هارون)

أولا:

عشرون تهمة تتعلق بجرائم ضد الإنسانية: والتي تتمثل في الجرائم الآتية:

1.     ممارسة الاضطهاد في قرى كدوم والمناطق المحيطة بها

2.     قتل مجموعة كبيرة منة المدنيين في قرى كدوم والمناطق المحيطة بها

3.     ممارسة الاضطهاد في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

4.     قتل أعداد كبيرة من المدنيين في بلدة بندسي والمناطق المحيطة بها

5.      ممارسة الاغتصاب في بلدة بندسي والمناطق المحيطة بها

6.     ارتكاب أفعال لا إنسانية في بلدة بندسي والمناطق المحيطة بها

7.      النقل القسري من بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

8.     ممارسة الاضطهاد في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

9.      قتل رجال في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

10.    فرض السجن أو الحرمان الشديد من الحرية في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

11.     ممارسة التعذيب في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

12.   ارتكاب أعمال نهب في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

13.   ممارسة الاضطهاد في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

14.    قتل مدنيين في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

15.   ممارسة الاغتصاب في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

16.   ارتكاب أفعال لا إنسانية في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

17.   النقل القسري من بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

ثانيا:

عشرون تهمة تتعلق بجرائم الحرب، وذلك على هذا النحو:

1.     قتل مدنيين في قرى كدوم والمناطق المحيطة بها

2.     شن هجمات على السكان المدنيين في قرى كدوم والمناطق المحيطة بها

3.      تدمير ممتلكات المدنيين في قرى كدوم والمناطق المحيطة بها

4.     قتل مدنيين في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

5.     شن هجمات على السكان المدنيين العزل في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

6.     ارتكاب أعمال نهب في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

7.     تدمير ممتلكات السكان المدنيين في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

8.      قتل رجال في بلدة مكجر والمناطق المحيطة

9.     شن هجمات على السكان المدنيين في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

10.   ارتكاب أعمال نهب في بلدة مكجر والمناطق بها

11.     تدمير ممتلكات في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

12.   قتل مدنيين في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

13.    ممارسة الاغتصاب في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

14.    شن هجمات على السكان المدنيين في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

15.   الاعتداء على كرامة الأشخاص في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

16.   ارتكاب أعمال نهب في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

17.    تدمير ممتلكات في بلدة ارولا والمناطق بها

لكل تلك الجرائم التي وجهتها الى السيد / احمد هارون، لذا فان المحكمة الجنائية الدولية – الدائرة التمهيدية أصدرت امرأ بالقبض عليه، وتعتقد المحكمة الجنائية الدولية بأن احمد هارون من مواليد العام 1964 م، كما تعتقد المحكمة أن المتهم مواطن سوداني، وأنه شغل منصب وزير دولة بوزارة الداخلية لحكومة السودان في الفترة ما بين إبريل من العام 2003 م الى سبتمبر من العام 2005 م، والآن يتقلد السيد / هارون وزير الشئون الإنسانية بحكومة السودان

التهم الموجه إلى السيد – على محمد على عبد الرحمن (المعروف بعلى كشيب – عقيد العقدة)

إن المحكمة الجنائية الدولية تعتقد أن هناك أسبابا معقولة تدعوا الى الاعتقاد بأن على كشيب , كان يعتبر الوسيط بين قادة مليشيات الجن جويد , بين الحكومة السودانية في منطقة وادي صالح , حيث قام كشيب بتجنيد محاربين من الجن جويد , وتزويدهم بالطعام والسلاح , وغير ذلك من الإمدادات , كما تعتقد المحكمة الجنائية , أن السيد على كشيب شارك جنبا الى جنب مع القوات المسلحة , ومليشيا الجن جويد بهجمات ضد المدنيين العزل , وبالتحديد في قرى , كدوم , وبنديسى , ومكجر , وارولا , وذلك في الفترة بين أغسطس من العام 2003 م الى مارس من العام 2004 م , حيث ارتكبت عمليات قتل جماعية ضد المدنيين , واغتصاب وعنف جنسي وتعذيب , ونهب ممتلكات السكان المدنيين , كما أن المحكمة , واستنادا الى كل تلك الجرائم المنسوبة الى السيد – على كوشيب , فان المحكمة تعتقد بأن – السيد – كوشيب , يتحمل المسؤولية الجنائية , وذلك استنادا الى المادة (25) فقرة (أ) والفقرة (د) من النظام الأساسي في ارتكاب جرائم الحرب , والجرائم ضد الإنسانية كما هو مبين في صحيفة الاتهام الخاصة بالسيد – على كشيب. 

التهم الموجه إلى السيد – على محمد عبد الرحمن (المعروف بعلى كشيب – عقيد العقدة)

أولا:

جرائم ضد الإنسانية:

1.     ممارسة الاضطهاد في قرى كدوم، والمناطق المحيطة بها

2.      قتل مدنيين في قرى كدوم والمناطق المحيطة بها

3.      النقل القسري من قرى كدوم والمناطق المحيطة بها

4.      ممارسة الاضطهاد في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

5.      ممارسة الاغتصاب في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

6.      ارتكاب أفعال لا إنسانية في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

7.      النقل القسري من بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

8.     ممارسة الاضطهاد في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

9.      قتل رجال في بلدة مكجر والمناطق المحيطة

10.   فرض السجن أو الحرمان الشديد من الحرية في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

11.     ممارسة التعذيب في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

12.   ارتكاب أعمال نهب في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

13.    ممارسة الاضطهاد في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

14.   ممارسة الاغتصاب في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

15.    ممارسة الاغتصاب في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

16.   ارتكاب أفعال لا إنسانية في بلدة ارولا

17.    النقل القسري من بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

ثانيا:

جرائم الحرب:

1.     قتل مدنيين في قرى كدوم والمناطق المحيطة بها

2.      شن هجمات على السكان المدنيين في قرى كدوم والمناطق المحيطة بها

3.      تدمير ممتلكات في قرى كدوم والمناطق المحيطة بها

4.     قتل مدنيين في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

5.      ارتكاب أعمال نهب في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

6.      تدمير ممتلكات في بلدة بنديسى والمناطق المحيطة بها

7.     قتل رجال في بلدة مكجر والمناطق المحيطة

8.     شن هجمات على السكان المدنيين في بلدة مكجر والمناطق المحيطة بها

9.      تدمير ممتلكات في بلدة مكجر والمناطق الحيطة بها

10.   قتل مدنيين في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

11.     شن هجمات على السكان المدنيين في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

12.     الاعتداء على كرامة الأشخاص في بلدة ارولا

13.     ارتكاب أعمال نهب في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

14.    تدمير ممتلكات في بلدة ارولا والمناطق المحيطة بها

ولكل تلك الجرائم المنسوبة الى السيد / على محمد على عبد الرحمن , والمعروف , بعلى كشيب – عقيد العقدة – قائد عموم الجن جويد , فان الدائرة التمهيدية التابعة للمحكمة الجنائية أصدرت امر بالقبض على , وتعتقد المحكمة الجنائية الدولية , أن السيد – على كشيب , يبلغ من العمر 50 عاما كما تعتقد بأنه سوا دنى الجنسية ومن مواطنيها , وتعتقد أيضا أن المتهم كشيب , والده  من قبيلة الطويشة , أما والدته  فتنمى الى قبائل الدينكا  المنحدرة من جنوب السودان , كما تعتقد المحكمة أن السيد / كشيب معتقل الآن في السودان في احد مراكز الشرطة , وذلك بناء على امر قبض من السلطات السودانية بتاريخ أبريل من العام 2005 م , حيث تم تنفيذ آمر القبض في نوفمبر من العام 2006 م .

 المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية يوجه تهما الى رئيس السودان ويطالب القضاة في الدائرة التمهيدية إصدار أمر قبض في حقه (البشير).

في سابقة فريد من نوعها في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية , قام السيد / لويس مورينوا اوكامبوا, الذى يشغل المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية ,  بتقديم طلبه الى قضاة الدائرة التمهيدية التابعة للمحكمة الجنائية , يطلب فيه من القضاة إصدار أمر بالقبض على السيد / رئيس جمهورية السودان, استنادا للمادة 58 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية  , وذلك لاعتقاده بأن له أدلة كافية ودامغة تثبت تورط البشير في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية , وجرائم الحرب , وجرائم ضد الإنسانية ضد مجموعة من السكان المدنيين في الاقليم , حيث حدد المدعى أن البشير كان له نية ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد قبائل ( الزغاوة ,  والفور , والمسا ليت ) , ولأسباب أثنية.

الأدلة التي قدمها المدعى التي تثبيت تورط البشير في ارتكاب الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دار فور:

في بداية الأمر فان مكتب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية لا تدعى أن السيد / رئيس جمهورية السودان الحالي (عمر حسن احمد البشير) قد ارتكب أي من الجرائم التي وجهت له من قبل مكتب المدعى بنفسه شخصيا، وإنما قام بارتكابها بواسطة القوات المسلحة السودانية، ومليشيا الجن جويد سيئو السمعة، وانطلاقا من قاعدة تحمل الرئيس أعمال مرؤوسيه، فان المحكمة وجهت له تلك التهم، واستنادا الى المادة (25) فقرة (3) (أ) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

بما أن السيد / عمر حسن احمد البشير , كان ومازال يتقلد رئيس جمهورية السودان , وهو أيضا رئيس المؤتمر الوطني الحاكم , والقائد الأعلى للقوات المسلحة , فضلا عن تمتعه بسلطة مطلقة في إصدار القوانين , لكل تلك الأسباب , فان الأدلة التي بحوزة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية تؤكد أن البشير , كان يضمر النية في إهلاك جزء كبير من قبائل الفور, والزغاوة , والمسا ليت , حيث شنت عدة هجمات ضد قرى تلك القبائل سالفة الذكر , وتم ارتكاب جرائم خطيرة من خلال تلك الهجمات , وتتمثل تلك الجرائم في أفعال القتل الجماعي لمدنيين عزل , وأعمال اغتصاب للنساء والفتيات الصغيرات , وتدمير وسائل المعيشة لتلك القبائل , فضلا عن التشريد القسري , والتعذيب ,ومهاجمة المشردين قسريا في المخيمات , كل تلك الأعمال الإجرامية تشكل أعمال إبادة جماعية , وذلك حسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

 يقول المدعى العام أن الرئيس البشير، شرع في قمع حركات التمرد الدار فورية بواسطة ترويج فكرة التناقض بين القبائل (زرقة – عرب)، ولكن في حقيقية الأمر على الواقع أن الضحايا، ومرتكبي الجرائم كلهم أفارقة، وجميعهم يتكلمون اللغة العربية، وليس هناك أدني فرق من حيث الشكل العام واللون والسحنة، بل أن كثير من القبائل الأفريقية اعتقدتها لجنة الجامعة العربية أنها من القبائل العربية، والعكس تماما. إذا مسألة العرب وغير العرب ماهي إلا سياسة استخدمتها الحكومات المتعاقبة على سدة السلطة في السودان، وخاصة حكومة الصادق المهدي الذي سنه هذه السنة البغيضة.

الجرائم التي وجهت الى المتهم/ عمر البشير:

أولا:

جرائم الإبادة الجماعية: وسنرد ذلك على وجه من الاختصار حيث   تتمثل جرائم الإبادة الجماعية في النقاط الأتية:

الإبادة الجماعية بالحاق ضرر عقلي جسيم بأفراد المجموعات المستهدفة (الفور المساليت الزغاوة).

وذلك بشن هجمات على قراهم على وجه التحديد، وذلك لطردهم قسريا من ديارهم الأصلية، وعندما يفرون يتم ملاحقتهم وقتلهم في الصحاري، أو يتم تركهم في ظروف سيئة ليلاقوا مصيرهم المحتوم عليهم وهو الموت الزؤوم

ألالاف من الفتيات والنساء التابعين لقبائل القور والمسا ليت والزغاوة قد اغتصبن بشدة وما زلن يغتصبن بشدة حتى الآن. 

التهجير القسري لقبائل الزغاوة على وجه التحديد والفور والمسا ليت مورست من قبل الجن جويد بطريقة يعجز عنها الوصف، بل بطريقة تسبب الصدمة، حيث شرد قسريا أكثر من مليونين وسبعمائة شخص من قبائل الفور والمسا ليت، والزغاوة على وجه التحديد، انه الظلم العظيم. نعم يشرد قبائل الزغاوة من ديارهم التي وجدوا فيها منذ أسلافهم لقرون مضت، حيث ما يزال الضحايا يعانون من الصدمة الكبيرة حتى تاريخ اللحظة. بل أن الحسرة والخوف والندم يتملكهم، هل يأمر الإسلام بذلك. أن الشيطان في حيرة من أمره جراء ما حدث من قبل الجن جويد في إقليم دار فور.

الإبادة الجماعية بإخضاع قبائل الزغاوة والفور والمسا ليت، عمدا لظروف معيشية قاسية للغاية، وذلك بقصد إهلاكهم:

كل الهجمات على قرى الفور والزغاوة والمساليت، منذ العام 2003 م حتى تاريخ اللحظة، قد صممت لتدمير وسائل العيش لهؤلاء القبائل، حيث دمرت الإبار أي أبار المياه حتى يموتوا عطشا، فقد مات الحسين رضى الله عنه عطشانا عندما منعه زياد ويزيد أحفاد بنى أمية من العطش، وها هو التاريخ اللئيم يعيد نفسه في دارفور، حيث دمر الجن جويد أبار المياه حتى يموت الزغاوة والفور والمسا ليت عطشا، ما بال الأطفال الرضع، ما بال النساء الحوامل، ما بال الشيوخ الركع، ما ذنب هؤلاء ما ذنبهم. أيضا تم تدمير وسائل الطعام حتى يموت هؤلاء جوعا حيث تم تدمير المزارع، والصوامع التي فيها الغلال انه الفساد في الأرض، والهدف من ذلك كله هو التأكد من عجز السكان الذين شردوا قسريا، ونجوا من الموت على البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة انه الدمار العام والموت البطيء.

مارس المعتدين على قبائل الفور والزغاوة والمسا ليت، عمليات اضطهاد واسعة، حيث سلبت أراضيهم وطردوا منها قسرا، وحل محلهم سكان جدد، ولم يعد لهم ارض، وهذا هو اغتصاب الأرض بعينه، ومن الجدير بالذكر أن من ضمن الأدلة القوية التي جاءت في طلب مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية، والمتعلقة بالسيد رئيس جمهورية السودان، أن الرئيس نفسه القى خطابا، بتاريخ أبريل من العام 2003 م، حيث جاء في خطابه قائلا ((أنا لا ارغب ألا في الأرض))، وهذه المقولة من الأدلة التي وثقتها المحكمة الجنائية الدولية.

إن المشردين قسريا من ديارهم لم يجدوا أي عون من الحكومة السودانية، حيث تركت الحكومة أكثر من مليونين وأربعمائة شخص من المدنيين بدون مأوى أو طعام، أو حتى ماء.

إن الجن جويد يرفضون بشدة نزع أسلحتهم، وهم الآن يتواجدون بصورة مستمرة ودائمة قرب المخيمات، حيث يتعرض المشردون قسريا الى معاملات لا إنسانية، منها أعمال الاغتصاب، والقتل، في الوقت الذي تقول فيه الحكومة السودانية أن المتمردين مختبئون في أوساط المشردين قسريا من ديارهم، وداخل الاقليم.

ثانيا:

جرائم ضد الإنسانية:

جرائم ضد الإنسانية التي نسبها المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، للسيد / رئيس جمهورية السودان (عمر حسن احمد البشير) تتمثل في الجرائم الأتية:

أعمال القتل الجماعي، وبصورة منتظمة ومنهجية.

الاغتصاب الجنسي للفتيات الصغيرات، والنساء من المدنيين العزل الذين لا صلة لهم بالنزاع الدائر بين الحكومة السودانية من جهة ومتمردي إقليم دارفور من جهة أخرى.

التهجير القسري للمدنيين، حيث شرد قسريا من ديارهم، وتقدر المنظمات الدولية أن هناك أكثر من أربعة مليون ونصف المليون شردوا قسريا في دارفور، وذلك اعتبارا من 2003 م الى العام 2008م.

عمليات الإهلاك المرتكبة من قبل الحكومة السودانية , ومليشيا الجن جويد , ضد قبائل الفور والمساليت والزغاوة , بالإضافة الى القبائل الصغيرة الأخرى مثل قبائل الداجوا , والاينقا , والبرقد , والمسيرية جبل والميدوب , البرقو ...الخ , وبالرغم أن الهجمات كانت تشن على تلك القبائل الصغيرة بدافع العرق , إلا أن المحكمة الجنائية الدولية ممثلة في مكتب المدعى العام تستبعد ارتكاب الإبادة الجماعية ضد القبائل الصغيرة التي ذكرت أنفا , إلا أن المدعى اكد تماما وبما لا يدع معه مجالا للشك أن جرائم الإبادة الجماعية ارتكبت بشكل خطير ضد قبائل الزغاوة والمساليت والفور .

ثالثا: جرائم الحرب:

جرائم الحرب التي نسبها المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، للسيد / رئيس جمهورية السودان (عمر حسن احمد البشير) تتمثل في الجرائم الأتية:

عمليات القتل الجماعي ضد السكان المدنيين، وعلى وجه الخصوص أن عمليات القتل كان ينحصر بصورة كبيرة على بلدات، كدوم، وبندسي، ومكجر، وارولا، التي تقع في ولاية غرب دارفور – شريط وأدي صالح، كما أن قرى شطايه ومهاجريه وكليك وبرام وسرفة جداد، وسيربا، وكثير من القرى الواقعة في منطقة جبل مون تعرض المدنيين فيها لعمليات قتل جماعية بصورة يعجز عنها الوصف.

ومن الجدير بالذكر أن عمليات القتل الجماعية هذه وقعت في الفترة ما بين العام 2003 م الى العام 2004 م.

مضمون الاتفاق التي توصلت اليه الجامعة العربية مع الحكومة السودانية، وذلك فيما يتعلق بمسألة المحكمة الجنائية الدولية:

من المعلوم أن طلب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية , لقضاة الدائرة التمهيدية التابعة للمحكمة الجنائية , إصدار امر قبض على رئيس جمهورية السودان الحالي ( عمر حسن احمد البشير ) أثار نوع من البلبلة , وعدم الاستقرار لدى حكومات الدول العربية , بصورة عامة , والحكومة السودانية على وجه الخصوص , فضلا عن جامعة الدول العربية , حيث طلب السودان اجتماع طارئ للجامعة العربية , وذلك لبحث التطورات الخطيرة لطلب السيد / لويس مورينوا اوكامبو , وبالفعل اجتمعت الجامعة العربية , واستنكرت الطلب بشدة , واصفة الطلب بالسياسي , وبالازدواجية في المعايير .

أما الآمين العام للجامعة العربية السيد / عمرو موسى، فلم يهدا له بال على الإطلاق، حيث قام بزيارة (20 , 21 , يوليوا من العام 2008 م) على وجه السرعة الى جمهورية السودان، حاملا في جعبته اقتراح الجامعة العربية لحل الأزمة الخطيرة بين الحكومة السودانية، والمحكمة الجنائية الدولية، حيث أسفرت مشاورات السيد / عمرو موسى، على حزمة من الاتفاقات، يتضمن مجموعة من الإجراءات، والخطوات السياسية، والقانونية لحل الأزمة في الاقليم بأبعادها المختلفة على مستوى التسوية السياسية. أو التعامل القانوني مع أثارها بين الجامعة العربية، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، وأكدت الجامعة العربية على أهلية واستقلالية، ونزاهة القضاء السوداني لمحاكمة أي شخص تثبيت تورطه في ارتكاب جرائم خطيرة في الاقليم، وبعد اطلاعنا على الاتفاق نرى أن الاتفاق بين الجامعة العربية، والحكومة السودانية ينحصر في النقاط الأتية:

أولا: إعطاء الأولوية للتسوية السياسية لقضية دارفور، وتأكيد حكم القانون، وتنشيط مبادرة الحل السياسي للقوى الوطنية السودانية.

ثانيا: تعزيز دور قوة اليوناميد وتوفير احتياجاتها وتسهيل أداء واجباتها وتأمين التعاون الثلاثي بين السودان، والاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة في تقديم المساعدات الإنسانية لهل إقليم دارفور.

ثالثا: مواصلة القضاء السوداني نظره في الجرائم التي حدثت وفق تحريات اللجان القضائية الموجودة أو التي تستجد.

رابعا: إتاحة البدائل الدستورية للحرب وحمل السلاح وسعى حكومة السودان نحو إعلان الأحكام في القضايا التي نظرها القضاء.

خامسا: معالجة رواسب النزاع في دارفور وفق القانون وبإجراءات القانون السوداني وفق العرف السوداني الإفريقي السائد في دارفور بشأن المصالحات والتعويضات.

سادسا: سوف تطلب الجامعة العربية من مجلس الأمن وقف طلب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية.

سابعا: سوف تعمل الجامعة العربية وبالتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى المعنية على تجنب تعريض متطلبات العدالة للـتأثير سلبيا في مساعي السلام والاستقرار في دارفور.

رهان السودان على العالم العربي والأفريقي هو الرهان على السراب بعينه:

أن حال الدولة السودانية في هذه الأيام كحال رجل يتملكه الظمأ الشديد، فهو لا محالة يبحث عن الماء لكي يروى به ظماه، ولكن الرجل يبحث الماء جريا وراء السراب، الذي يحسبه ماء، هذا هو حال السودان الذي يبحث عن مخرج حقيقي للخروج من مسألة المحكمة الجنائية الدولية، ولكن الحكومة السودانية تبحث عن المخرج في العالمين العربي والأفريقي.

إن العالمين العربي والإفريقي لا يمثلان إلا السراب الذي يحسبه سودننا الظمآن ماء وما هو بماء أن هو إلا سراب حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد المحكمة الجنائية وقرارتها.

في الوقت الراهن تتداعى المحكمة الجنائية على السودان، كما يتداعى الجن جويد على المدنيين العزل في إقليم دار فور، ولماذا تتداعى المحكمة على السودان لسبب واحد هو الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في الإقليم من قبل أطراف النزاع. ومن ثم يستعد السودان لدفع فاتورة إقليم دار فور للمجتمع الدولي، ويبحث السودان في نفس الوقت عن المخرج من هذا المأزق الخطير، ونحن من جانبنا نرى أن هناك حلا للمشكلة، ولكن بعيدا عن الهتافات، والبيانات السياسية، والمظاهرات المليونية، إن المخرج يجبان يكون عن طريق القانون فقط ليس إلا.

نعم يجب أن لا يراهن الحكومة السودانية على السراب العربي والإفريقي , بل يجب على الحكومة السودانية أن تتعظ من العراق وقائدها المجرم الذي زج به إلى مزبلة التاريخ , أن القائد العربي صدام حسين كان على حافة الكارثة , ومع ذلك أخذته العزة بالإثم , حيث خرج على شعبه عبر شاشات التلفزيون , وبعد أن قام بالاعتداء على الكويت , حيث خرج المجرم راقصا فرحا مع بعض مؤيديه , وهو يشهر سيفه ومطلق بعض الرصاصات من بندقيته , وفى اليوم الأخير قبل سقوط بغداد خرج المجرم مرة أخرى وهو ينافق على شعب العراق قائلا لهم : أن انتصارا قريب سوف يتحقق , ولكن ما هي إلا أيام , حتى جيء به مكبل اليدين أشعث اغبر , متحيرا مندهشا من هول الموقف , وسرعان ما خضع للسلطة القضائية , لمحاكمة مجرمي الحرب والقتلة , قتلة الشعب العراقي , والغريب في الأمر , كان بعض الدول العربية تبكيه بالرغم من الجرائم الخطيرة التي قام بارتكابها ضد الشعب العراقي ,  حكمت المحكمة عليه بالإعدام شنقا حتى الموت , وسرعان مازج به إلى الجحيم , بل إلى الدرك الأسفل من النار مع هامان , وفرعون , وقارون , وهتلر , وموسوليني , وغيرهم .

أن الناظر لحال الصحافة العربية هذه الأيام يجد أن الأمة العربية، تصب جام غضبها على المحكمة الجنائية الدولية، وعلى المدعى العام للمحكمة السيد / لويس مورينو أو كامبوا، حيث نعتته بعض الصحف بأقذر الأوصاف مثل، كلب – متواطئ، وغيرها من الألفاظ البذيئة التي لا تخدم أي غرض.

كما أن الكثير من الكتاب، وصف طلب المدعى العام للمحكمة الجنائية، بأنه لا يمت إلى القانون في شيء، بل آن الطلب يأخذ الطابع السياسي، وان الطلب مفتعل، وان الطلب يتميز بازدواجية المعايير، وغير ذلك من الاتهامات.

ولكن وسط كل تلك السيل من الاتهامات لطلب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، لم يسأل أحد عن الشيء الذي حدث في إقليم دار فور، والان يجب أن نضع كل المجتمع الدولي جانبا بما قيه المحكمة الجنائية وقرارتها بشأن السودان، ونطرح سؤلا موضوعيا، ماذا حدث في إقليم دار فور المنطقة الواقعة في غرب السودان الذي يشهد اضطرا بات أمنية منذ أكثر من خمس سنوات؟

هل جرى بالفعل جرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية، وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دار فور؟

هل وقع بالفعل أعمال قتل جماعية، واغتصاب وعنف جنسي، وتشريد قسري، وحرق قرى، وتعذيب، وتنكيل، وعنصرية، ونهب، واحتلال أراضي ... وغير ذلك من الانتهاكات الخطيرة في الإقليم؟ 

هذا هو المهم أي الإجابة على تلك الأسئلة، أما عدا ذلك فيجب إن نضعه جانبا، يجب أن نضع المعايير الدولية التي تتهم بها المحكمة الجنائية جانبا، ولا يهمنا القرارت السياسية، ومعتقل غريب، ولا أفغانستان، أو العراق، إن الذي يهمنا هو ماذا جرى في إقليم دار فور؟

أين كانت الجامعة العربية، والاتحاد الإفريقي، بل كل العرب عندما كان أهل إقليم دار فور يعذبون، ويقتلون، ويشردون قسريا، وتغتصب نسائهم وأطفالهم، حتى أن الصغيرة التي اغتصبت تسأل العالم جله، بأي ذنب اغتصبت، والمشرد لماذا تم تشريده قسريا من ديارهم، ...الخ. 

أين يكمن الحل:

الحل يكمن في النقاط الأتية:

مواجهة المجتمع الدولي بالحجج القانونية، والدبلوماسية.

فرض عدالة القانون في السودان

لابد من المسألة والعدالة، لانهما الطريقان الوحيدان لأشاعه السلام والأمن في السودان بصورة عامة، وإقليم دارفور على وجه الخصوص.

التعاون التام مع المجتمع الدولي، وخاصة المحكمة الجنائية الدولية

تعويض الضحايا فردا فردا.

الاستفادة من المادة 16 الوارد في نظام روما 1998 , والمنشئ للمحكمة الجنائية الدولية

نبذه عن جمهورية السودان:

الموقع:

يقع السودان بين خطي طول 14 و38 شرقا، وخطي عرض 4 و22 شمال خط الاستواء بمساحة تقدر بنحو 968 ألف ميل مربع. ويخترقه في الوسط نهر النيل. ويجاور السودان عشر دول هي تشاد وأفريقيا الوسطي والكنغو الديمقراطية ويوغندا وكينيا وإثيوبيا وأريتريا ومصر وليبيا وجمهورية جنوب السودان الذي انفصل مؤخرا، ويطل علي البحر الأحمر بساحل يبلغ طوله 309 كيلومترا وبه عدة أقاليم مناخية متميزة. فشمال خط العرض 16صحراء قاحلة لا زراعة فيها إلا في حوض النيل. وجنوب خط العرض 10 ذو مناخ استوائي رطب ويشمل الولايات الجنوبية، وما بين الخطين امتداد لحزام السافانا تتدرج من الفقيرة شمالا إلى الغنية جنوبا.

هذا الواقع الجغرافي المتميز أثر على التركيبية السكانية للسودان وجعل منه بوتقة انصهار تمازجت فيه كافة العناصر الأثنية في المنطقة، مما أفرز مزجا سكانيا متفردا أعطي للسودان ذاتيته الدالة عليه

الموارد الطبيعية:

هذا البعد المساحي الكبير، والذي يحوي عدة مناخات وسهل فيضي خصيب، وجيوب متنوعة تبلغ في جملتها نحو 120 مليون فدانا صالحة للرعي والغابات. ولم تستغل للزراعة من هذه المساحة سوي 16 مليون فدان فقط، يزرع معظمها بالأمطار رغم توفر المياه الجوفية والسطحية. ويعتمد اقتصاد الصادر على مناطق الزراعة المطرية لأن منها الفول السوداني والكر كدي والسمسم وحب البطيخ والصمغ العربي، ومنها تأتي الماشية أيضا والإبل والضأن. كما تم أخيرا اكتشاف واستغلال الذهب والبترول، وبقية المعادن التي تنتظر الاستغلال مثل الغاز الطبيعي والنحاس ومعها ثروات البحر الأحمر والموارد السياحية الكامنة.

التقسيم الإداري للسودان:

قسم السودان وفقا للمرسوم الدستوري الثاني عشر عام 1994م الي ست وعشرين ولاية منها ثلاث ولايات في الشرق وولايتين في الشمال، وخمس ولايات في الأوسط بما فيهن الخرطوم وست ولايات في الغرب وعشر ولايات في الجنوب ولكل ولاية حكومتها ومجلسها التشريعي. إلا أن السمة الغالبة على هذا التقسيم هي التفاوت الشديد في حظوظ التنمية. فاذا استثنينا الجنوب لظروفه فإننا نجد أن التنمية انحصرت في الشمال والخرطوم وجزء من الأوسط، وجزء من ساحل البحر الأحمر(للضرورة). فالإقليم الغربي بأكمله ليس به مشروع واحد يمكن أن يسند محافظة لمدة أسبوع، حتى مصفاة الأبيض تبيع ناتجها في موقعه بسعر السودان كله، أما المجلد وأبو جابرة فيكفي أن نصيب أهلها هو العمل في حفر خط أنابيب النفط فقط كتمرين لهم ليدفنوا آمالهم وأحلامهم المرتبطة بالاستكشافات النفطية في مواقعهم، إذ أنهم حرموا من العمل في منشأتها حتى كسائقين إذ تم استيرادهم من الخرطوم، مثلهم مثل رجال الأمن هناك، الذين تم اختيار ضباطهم ومعظم جنودهم من عنصر واحد معلوم. حفاظا على عدم خروج دينار واحد الي أيد غير ما اعتادت عليه.

التعريف بإقليم دار فور – المنطقة الواقعة في غرب السودان:

دار فور بولاياتها الثلاث تغطي الجزء الغربي من السودان وتمثل مساحتها (خمس) 1/5 مساحة السودان حيث تبلغ مساحاتها الكلية 549 ألف كيلو متر مربع وتعادل مساحتها مساحة فرنسا، أرض بكرة صالحة للزراعة، أما تعداد سكانها حسب آخر إحصائية سنة 1999 قد بلغ أكثر من أربعة مليون.

تقع ولايات دار فور في أقاصي غرب السودان بين خطوط طول 22 و27 شرقا وخطوط العرض 10 و16 شمالا، ولايات دار فور تشارك الحدود الجغرافية كل من ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطي.

وتقول بعض الكتابات التاريخية أن (دار فور) كانت دولة مستقلة ذات سيادة خلال الفترة من 1650م وحتى 1917م وكانت تسمي نفسها (سلطنة دار فور) ومنذ العام 1917م وحتى ما بعد استقلال السودان عن بريطانيا لم تشهد دار فور سوى محاولات ضئيلة لتنميتها اقتصاديا ولقد ساهمت الحكومات السودانية المتعاقبة في الربط الدائم للمنطقة بالنزاعات والجفاف والمجاعات والجهل والأمية المتفشية بين الناس ولم يكن التخلف الاقتصادي وحده الذي لعب الدور في ما آلت إليه الأمور وإنما على المستوي السياسي والثقافي بسبب تجاهل الحكومات المركزية السودانية للمنطقة أهلها حتى تم عزل دار فور عن باقي مناطق السودان، وقد تأثرت هذه المنطقة بالتقلبات السياسية السودانية والتي بدورها ساهمت في هذه العزلة علاوة على تطبيق سياسات خاطئة غير مدروسة من قبل الحكام الذين حكموا السودان، وفي الفترة الأولي للحكم الوطني ما بعد الاستقلال ظلت المنطقة تشهد التجاهل التام من قبل القائمين على أمر البلاد ،إذ كان الصراع السياسي على السلطة هو السمة البارزة للحكومات السودانية بمعنى أن الحكومات كانت تقبع في الخرطوم العاصمة وتتصارع وتصل أحيانا ألي حالات عصيبة فيما بينها، وكما يقول المراقبون للأحداث في السودان انه كلما زادت حدة الصراع السياسي كان مدعاة للعسكريين أن يطيحوا بالنظام .. وبسبب الصراع بين الأحزاب الكبيرة في البلاد لم تتغير الأحوال في مناطق السودان المختلفة ومن بينها دار فور رغم أن المنطقة معروفة بتربتها الزراعية والتي أصبحت يوما ما من أكبر مناطق تصدير سلعة (الصمغ العربي) لأسواق العالم قاطبة، كما هي أكبر مورد للماشية في السودان.

في عهد الرئيس جعفر محمد نميري وفي العام 1982م ُطبق نظام الحكومات الإقليمية على مناطق السودان والذي أدى إلى تكريس تخلف التنمية الاقتصادية في المنطقة وجعل العزلة السياسية والثقافية النسبية في السودان

شهدت المنطقة الدار فورية قمة الفوضى السياسية والأمنية ولعبت فيها الأحزاب السياسية السودانية الدور الكبير في إراقة الدماء بين أبناء المنطقة من خلال ما تملكه من أدوات الصراع السياسي والاستفادة من المنطقة في تكبير(الكوم) حتى تتمكن من السيطرة على مقاليد الأمور في السودان وهذه الفترة كذلك أكثر الفترات التي شهدت تدخلات من خارج الحدود السودانية للمجموعات المسلحة في دول الجوار التي استغلت الغياب الأمني والعسكري لتتخذ من دار فور ميدان لصراعاتها المسلحة التي تلعب فيها التوجهات القبلية المشتركة بين البلدين العامل المهم.

أسباب النزاع في إقليم دارفور:

عانى ومازال يعاني إقليم دارفور الكثير من الصراعات وذلك بسبب:

وجود الإقليم في منطقة تماس مع ثلاث حدود لدول مختلفة جعله عرض للتأثر بالصراعات الداخلية لتلك الدول ذات التقلبات السياسية المتكررة.

وجود قبائل مشتركة حدودية جعلت الصراع في الدول المجاورة ينتقل بحكم الانتماءات القبلية إلى داخل بعض القبائل التي تستوطن الإقليم.

الحدود المفتوحة والأرض المنبسطة جعل من الإقليم منطقة رائدة لتجارة السلاح.

الإقليم يشكل القاعدة الخلفية لكل الانقلابات العسكرية التي حدثت في دول الجوار.

يشكل الإقليم نقطة تماس مع ما يعرف بالحزام الفرانكفوني لهذا نجد الاهتمام الفرنسي بالإقليم.

ويسألونك عن الجن جويد:

لم نجد تفسيرا متفقا عليه لكلمة جن جويد، فالبعض يراها لفظا منحوتا من العبارة "جن على جواد" وآخرون يقولون بأنها نحتت من ثلاث كلمات تبدأ كلها بحرف الجيم وهي: جن وجواد وجيم ثلاثة (طراز سلاح معروف). في حين يربطها البعض بصعلوك من عرب دارفور يدعى حامد جنجويت مارس الحرابة مع عصابته ضد القرى الأفريقية في الثمانينات من القرن الماضي فأدخل الرعب في قلوب السكان.

ومهما تعددت تفاسير اللفظ فإن له معنى مشتركا بينها جميعا وهو أنها جماعة مسلحة بدارفور يحملها أكثر من طرف مسؤولية الإخلال بالأمن في الإقليم

وأيا كان مصدر الكلمة فأن الجن جويد يهاجمون السكان والمتمردين معا في دارفور، وهناك روايات عن نهبهم أهالي دارفور، واستهدافهم قبائل الفور والزغاوة والمساليت التي خرج منها زعماء حركات التمرد في دارفور، وعن مطاردتهم في الوقت نفسه للمتمردين على حكومة الخرطوم. وفي حين تتهم حركات التمرد في دارفور ووكالات الإغاثة الدولية الجن جاويد بأنهم أعوان الحكومة وتابعوها، وأنهم عرب يشنون هجمات عنيفة على الأفارقة السود من قبائل الفور والمساليت والزغاوة. تنفي الحكومة السودانية ذلك بشدة، وتقول: إنها لا ولاية لها عليهم، وإنهم يهاجمون قواتها أيضا.

وينسب إلى هذه الميليشيات أنها تقوم بعمليات قتل واغتصاب وإبادة جماعية وتشويه ونهب وإحراق عشرات الآلاف من البيوت، وتشريد مئات الآلاف من الأشخاص، ويقال: إن عددهم صغير جدا، ربما بضعة آلاف، لكنهم مسلحون تسليحا جيدا بالرشاشات ويركبون الخيل والجمال، وأن هدفهم من مهاجمة تلك القبائل هو طردهم من بيوتهم، وإجبارهم على التخلي عن موارد المياه والمراعي المهمة للقبائل الرحل.

ويقال: إن الجن جاويد يعيشون على الرعي، وإنهم تعرضوا لضرر كبير بسبب التصحر الذي قلل من موارد المياه والمراعي في دارفور بشكل ضخم، وإنهم يهاجمون رجال القبائل الأفريقية؛ لأن منهم يخرج العدد الأكبر من مقاتلي حركات التمرد: جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة اللتين تمثلان المجموعتين المتمردتين الرئيسيتين في دارفور، وإن هدفهم بالتالي هو القضاء على التمرد من خلال ضرب هذه القبائل.

التوصيات:

أولا: الى الحكومة السودانية عليها أن تقوم بالآتي وعلى وجه السرعة إذا كانت تريدا سلاما وأمنا لهذا البلد القارة.

نزع سلاح المليشيات الحقيرة (الجن جويد).

محاسبة الأشخاص الذين تورطوا في انتهاكات خطيرة ضد المدنيين في الاقليم، ونقصد هنا محاسبة الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم لا تدخل من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وإنما يدخل في اختصاص القانون الجنائي السوداني 1999

بث الأمن والطمأنينة في قلوب المواطنين، وإنهاء مظاهر التسلح بين المواطنين عدم إعاقة عمليات الإغاثة الإنسانية الى المشردين قسريا المتواجدين الآن في المخيمات.

البدء في إعمار القرى التي دمرتها الحروب، حتى يتثنى للمشردين المتواجدين في المخيمات الرجوع الى أماكن تأو يهم.

تعويض الضحايا فردا فردا، وبخاصة الذين فقدوا أبنائهم، أو ممتلكاتهم ...الخ.

البدء في عمليات التنمية الشاملة في الإقليم من موارد السودان الضخم (البترول – الذهب – الثروة الحيوانية.. الخ).

الدخول في مفاوضات جادة مع متمردي دافور لأنهاء المعاناة الإنسانية بشكل تام ونهائي ودائم.

البدء في مشروع المصالحة الوطنية، أو العدالة الانتقالية، أو الوئام الوطني، لرتق النسيج الاجتماعي في السودان بصورة عامة، وإقليم دار فور بصورة خاصة.

التعاون التام مع قرارات الشرعية الدولية، وخاصة القرار (1593) الصادر من مجلس الآمن في العام2005 م.

إدخال إصلاحات جذرية في التشريعات الوطنية في السودان، وبما يتماشى مع القانون الدولي.

إدخال إصلاحات جذرية، في السلطة القضائية، بما يجعلها قضاء نزيها ومستقلا.

تقسيم السلطة والثروة، وبما يتماشى مع التكوين السكاني بالنسبة للسودان.

إجراء إصلاحات جذرية في مؤسسات التعليم العالي، الذي انتشر فيها الفساد بصورة كبيرة.

إدخال إصلاحات جذرية في قانون قوات الشرطة، وقوات الأمن الوطني، وقانون الطوارئ، ورفع حالة الطوارئ عن البلاد بصورة عامة.

إطلاق الحريات، وخاصة حرية الرأي والتعبير.

فرض عدالة القانون بصورة عامة، ولكل وعلى كل الناس بصورة متساوية.

إطلاق سراح جميع المعتقلين، وذلك كخطوة لإبداء حسن النية بين الحكومة والشعب.

تقوية الجبهة الوطنية الداخلية للسودان.

توثيق العلاقات مع جميع الدول في العالم وبدون استثناء.

خلق آلية قوية لمكافحة الفساد بجميع أشكاله.

إتاحة الفرص في تولى الوظائف العامة على أساس الكفاءة العلمية، وليس على أساس القرابة والقبيلة والجهة.

إقامة انتخابات حرة ونزيهة، وبما يتماشى مع المعايير الدولية للانتخابات.

إقامة دولة الحق والقانون في السودان.

ثانيا: الى حركات دارفور المسلحة:

توحيد صفوفها والدخول مع الحكومة السودانية بورقة تفاوضية واحدة وذلك من اجل إنهاء المعاناة الإنسانية في إقليم دار فور، بل والسودان بجمعه.

وقف جميع أشكال العدائيات مع الحكومة السودان بما في ذلك وقف إطلاق النار الفوري.

احترام جميع القرارات الشرعية، وبصفة خاصة التعاون التام مع المحكمة الجنائية الدولية إذا ما طلبة منها تسليم أي من أفرادها.

وقف جميع أنواع الانتهاكات ضد المدنيين العزل.

التعاون مع القوات الدولية في مراقبة وحماية المدنيين.

عدم التعرض لموظفي المنظمات الإنسانية.

عدم مهاجمة نقاط القوات الدولية على الإطلاق.

المساهمة بفعالية في البدء في مشروع العدالة الانتقالية أو المصلحة الوطنية.

ثالثا: إلى الأمم المتحدة:

مساعدة الأطراف في التوصل الى حل سياسي ينهى المعاناة الإنسانية في الإقليم.

مصادر البحث:

موجز القضية– المتعلقة بطلب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أمر إلقاء القبض على عمر حسن احمد البشير – رئيس جمهورية السودان.

تقرير اللجنة الدولية للحقوقيين – أكتوبر 2007 م

 التقرير المقدم من اللجنة الدولية للأمم المتحدة بشأن دار فور الى أمين عام الأمم المتحدة – كوفي أنان – وذلك عملا بقرار مجلس الآمن رقم 1564 الصادر بتاريخ 18 سبتمبر للعام 2004 م.

قرار مجلس الأمن الذي يحمل الرقم 1593 للعام 2005 م مارس sc/res/1593/2005

 السودان –التداعيات القضائية للمحكمة الجنائية الدولية في دعاوى دار فور – يمكن مراجعة الصفحة التالية http//www.irinnews.org/report.asportid

مكتب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية – صحيفة الوقائع – الوضع في دارفور الصادر بتاريخ 27- فبراير من العام 2007 م.

لقد تم استهداف الفتيات في النزاعات ما بين الاثنيات عن قصد وذلك بهدف إذلال المجموعة التي ينتمين اليها وكشكل من أشكال التطهير العرقي. وكان الهدف من وراء جرائم الاغتصاب والنقل القسري للسكان وتهجيرهم – تقرير صادر من الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال في النزاع المسلح في السودان، وثيقة صادرة عن الأمم المتحدة – بتاريخ 17/أغسطس /2006 م s/2006/662

السودان: من سيدفع ثمن الجرائم؟ تقرير صادر من منظمة العفو الدولية afr54/006/2005 والصادر بتاريخ 18/يناير 2005

الدستور الانتقالي للعام 2005 م

تقرير لمنظمة هيومان رايت ووتش – حول الأزمة في دار فور – الصادر بتاريخ 29 /يناير من العام 2007م

 القانون الجنائي السوداني للعام 1999 م

النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية – الدكتور – محمود شريف بسيوني

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 م

المعايير الدولية للمحاكمات العادلة

وثائق المحكمة الجنائية الدولية – الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية – الحالة في دار فور بالسودان – قضية المدعى العام للمحكمة الجنائية – ضد كل من احمد محمد هارون – وعلى محمد على كشيب – وثيقة علنية – امر بالقبض على احمد هارون – صادرة من الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية بتاريخ 27/أبريل من العام 2007 م.

وثائق المحكمة الجنائية الدولية – الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية – الحالة في دار فور بالسودان – قضية المدعى العام للمحكمة الجنائية – ضد كل من احمد محمد هارون – وعلى محمد على كشيب.

 وثيقة علنية – امر بالقبض على السيد على كشيب وثيقة صادِرة مِن الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية بتاريخ 27/أبريل من العام 2007م

بيانات صادرة عن التحالف العربي من اجل المحكمة الجنائية الدولية

 

نواصل

حمانيد الكرتى

أكتوبر 2018م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حسن البرهان، شقيق عبد الفتاح البرهان، جمع ثروة طائلة تقدر بأكثر من 93 مليون دولار أمريكي

أثار البيان الأخير الصادر عن "الأمانة العامة للحركة الإسلامية السودانية"، والذي يدعو إلى "الجهاد نصرةً للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، استغراب المراقبين، وطرح تساؤلات جدية حول تورط عبد الفتاح البرهان وتحالفاته مع طهران.

يدين مركز الحقيقة والمعرفة وعلى رأسه الكاتب الكرتى بأشد العبارات البيان الصادر عن ما تُسمى الحركة الإسلامية السودانية والذي يدعو إلى "الجهاد" نصرةً للنظام الإيراني المارق، بذريعة الدفاع عن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" في وجه ما وصفوه بالعدوان الصهيوني.