في جريمةٍ مروّعة تهزّ الضمير الإنساني وتكشف حجم الانحطاط الذي وصلت إليه مليشيات الجنجويد ومن شايعها: بقلم: الكرتي - ناشط حقوقي
بقلم: الكرتي - ناشط حقوقي
في جريمةٍ مروّعة تهزّ الضمير الإنساني وتكشف حجم الانحطاط الذي وصلت إليه مليشيات الجنجويد ومن شايعها، دانت منظمة الصحة العالمية ما وصفتها بأنها واحدة من أبشع المجازر ضد الإنسانية، وذلك بعد أن تم قتل أكثر من 460 مريضًا ومرافقًا داخل مستشفى الولادة السعودي بمدينة الفاشر، إلى جانب اختطاف ستة من العاملين الصحيين في جريمة لا يمكن أن تُفسَّر إلا بوصفها عملًا إرهابيًا متعمدًا يستهدف القضاء على الحياة ذاتها.
لقد تحوّلت الفاشر – التي كانت مركزًا للعلاج والأمل – إلى مدينة موتٍ جماعي، حيث يتساقط الأطفال والنساء والمرضى بالرصاص، بينما يقف العالم متفرجًا أمام انهيارٍ كامل للنظام الصحي في شمال دارفور. فالمستشفى السعودي – آخر ما تبقى من المرافق العاملة – لم يسلم من القصف والاعتداءات، إذ تعرّض لأربع هجمات خلال شهرٍ واحد، سقطت فيها ممرضة قتيلة وأصيب ثلاثة من العاملين، قبل أن تُرتكب المجزرة الكبرى في 28 أكتوبر/تشرين الأول، حين فتحت المليشيات النار على المرضى داخل أسِرّتهم في مشهدٍ لا يُصدّق.
ومنذ بداية الصراع، قُتل 46 عاملًا صحيًا في الفاشر، بينهم مدير الرعاية الصحية الأولية، وأُصيب 48 آخرون، فيما لا يزال مصير موظفين من منظمات إنسانية مجهولًا. هذه الجرائم ليست “أضرارًا جانبية”، بل هي سياسة ممنهجة لإبادة السكان عبر قتل الأطباء والمرضى وتجويع من تبقّى منهم.
اليوم، يعيش أكثر من 260 ألف إنسان تحت الحصار الكامل، بلا غذاء أو ماء أو دواء، بينما يفرّ عشرات الآلاف من المدينة نحو الريف وطويلة في رحلة موت جديدة. تقول التقارير إن غالبيتهم من النساء والأطفال غير المصحوبين بذويهم، بلا مأوى ولا حماية ولا غذاء. أما من تبقّى، فالموت يطاردهم عبر رصاص الجنجويد أو وباء الكوليرا الذي ينتشر بسرعة مرعبة بسبب تلوث المياه وانهيار البنية الصحية. فقد سُجّلت 272 إصابة بالكوليرا في الفاشر وحدها، بينها 32 وفاة بمعدلٍ قاتلٍ يبلغ 12%، بينما تجاوزت حالات الإصابة في دارفور كلها 18 ألف حالة و662 وفاة.
لقد مُنع وصول المساعدات الإنسانية منذ فبراير/شباط 2025، وتحوّل الجوع إلى سلاح حرب، تُستخدم فيه المجاعة كسكينٍ صامتٍ لذبح المدنيين. الأطفال يذوبون جوعًا، والأمهات يُدفنّ دون دواء أو غذاء، فيما تتفرج حكومة تأسيس والجنجويد على الموت الجماعي بدمٍ بارد.
إن هذه الجرائم تُعدّ انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب مكتملة الأركان، ويجب أن تُقدَّم قيادات الجنجويد وحكومة تأسيس إلى المحكمة الجنائية الدولية فورًا بتهم الإبادة الجماعية، والقتل العمد، والتجويع كأسلوب حرب، والهجمات على المرافق الطبية.
كما يجدد الناشط الحقوقي الكرتي دعوته إلى وقف فوري وشامل للأعمال العدائية، وضمان حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وفتح ممرات آمنة لإدخال الغذاء والدواء إلى مدينة الفاشر دون تأخير.
— الكرتي، ناشط حقوقي
.jpg)
تعليقات
إرسال تعليق