معادلة الظلم في السودان: قوة الشمال على أنقاض الجنوب والغرب بقلم: الكرتي – ناشط حقوقي
معادلة الظلم في السودان: قوة الشمال على أنقاض الجنوب والغرب
بقلم: الكرتي – ناشط حقوقي
إنّ وحدة وتماسك مجتمعات شمال السودان، نهر النيل، الجزيرة، ووسط السودان لم تكن يومًا نتاج تنمية متوازنة أو عدالة اجتماعية شاملة، بل تأسست – للأسف – على حساب تفكيك وتدمير المجتمعات الإفريقية الأصيلة في جنوب النيل الأزرق، جبال النوبة، كردفان الكبرى، ودارفور.
لقد بُني استقرار تلك المناطق على زرع الفتن، وبث الرعب، وإشعال الحروب في الأقاليم الأخرى، حيث تُدار الأزمات لخلق حالة دائمة من الضعف والفقر والتبعية. تمّ تدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية في تلك المناطق عبر الحروب العبثية، والمجاعات المفتعلة، والأمراض البيولوجية، والاستعباد بأشكاله الحديثة، فضلًا عن التجهيل المنهجي، واستنزاف الطاقات البشرية في الأعمال الشاقة.
كما فُرض على هذه المجتمعات نظام خفي من العزل العنصري والاجتماعي، هدفه تحطيم روحها الجمعية وإبقاءها في دائرة العوز والوصاية، بينما تُقدَّم مجتمعات الشمال والوسط على أنها النموذج الوحيد "المتحضر" أو "الجدير بالحياة الكريمة".
إنّ ما يحدث هو شكل من أشكال الإبادة الاجتماعية والثقافية البطيئة، تُمارس تحت غطاء الدولة، وتُغذّى بخطابات الكراهية والتفوق العرقي.
ولن يتحقق السلام ولا الوحدة الوطنية الحقيقية إلا حين يُعاد الاعتبار لتلك المجتمعات التي دفعت ثمن استقرار الآخرين، ويُعترف رسميًا بأن ما جرى هو ظلم تاريخي وجريمة إنسانية في حق شعوب السودان الأصيلة.
فالسودان العادل لا يُبنى على ركام أحد، بل على المساواة الحقيقية، والاعتراف بالحقوق، وجبر الضرر لكل من سُحق تحت آلة التمييز والاضطهاد.
.jpg)
تعليقات
إرسال تعليق