مدغشقر: الجزيرة الأفريقية بين التاريخ والسياسة الحديثة بقلم: الكرتي ناشط حقوقي

 

مدغشقر: الجزيرة الأفريقية بين التاريخ والسياسة الحديثة

بقلم: الكرتي ناشط حقوقي

1. نبذة تاريخية

العصور القديمة: استوطنت مدغشقر قبائل من أصول مالايو-بولينيزية وأفريقية قبل نحو 2000 سنة، شكلت مجموعات قبلية متعددة ثقافيًا ولغويًا.

الفترة الاستعمارية: في القرن الـ 19، أصبحت مدغشقر محمية فرنسية، ثم مستعمرة كاملة عام 1896، واستمر النفوذ الفرنسي حتى الاستقلال عام 1960.

الاستقلال وما بعده: بعد الاستقلال، شهدت مدغشقر سلسلة من الانقلابات العسكرية والتحولات السياسية، أبرزها انقلاب 1972 الذي أنهى الحكم الملكي، وانتقال البلاد بين نظام اشتراكي ثم اقتصاد مختلط، وصولًا إلى التحولات الديمقراطية المحدودة بعد 1990.

2. الجغرافيا

تقع مدغشقر في المحيط الهندي قبالة الساحل الجنوبي الشرقي لأفريقيا، وتعد رابع أكبر جزيرة في العالم.

مساحة الجزيرة نحو 587,041 كم²، تضم تنوعًا بيئيًا هائلًا: غابات استوائية، سهول، جبال، وسواحل طويلة.

مناخ الجزيرة متنوع: استوائي رطب على الساحل الشرقي، شبه جاف على الغرب، ومعتدل في المرتفعات الوسطى.

3. السكان والديموغرافيا

عدد السكان نحو 30 مليون نسمة (تقديرات 2025) ، موزعين على أكثر من 18 مجموعة عرقية، أبرزها مالغاشيون.

اللغة الرسمية: المالاغاشية والفرنسية.

الدين: أغلبية مسيحية (كاثوليك وبروتستانت)، مع وجود معتقدات تقليدية محلية.

الاقتصاد يعتمد على الزراعة (الأرز، التوابل، القطن)، الصيد، والسياحة البيئية، مع تحديات الفقر ونقص البنية التحتية.

4. الوضع السياسي الحالي

النظام السياسي: جمهورية شبه رئاسية، رئيس الدولة هو رأس السلطة التنفيذية، وهناك برلمان منتخب جزئيًا.

التحديات السياسية:

استمرار الاضطرابات السياسية منذ الانقلابات السابقة (2009-2013) والتي خلّفت فجوات ديمقراطية.

صراعات بين الرئيس ومجلس الشعب، وخلافات حول الانتخابات والفساد.

ضعف المؤسسات القضائية والتنفيذية في مواجهة شبكات الفساد المحلي والإقليمي.

الوضع الأمني: مستقر نسبيًا مقارنة بدول أفريقية أخرى، لكن هناك قلق من الهجرة غير الشرعية والنشاط الإجرامي المحدود في بعض المناطق النائية.

5. الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية

الفقر: حوالي 70% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، مع فجوات كبيرة بين المدن والمناطق الريفية.

التعليم والصحة: نظام غير مكتمل، يحد من فرص التنمية البشرية.

الموارد الطبيعية: الثروات المعدنية (النيكل والكوبالت)، الغابات الاستوائية، والسياحة البيئية — كلها إمكانات كبيرة للتنمية، لكنها مهددة بالفساد واستغلال الموارد دون مراعاة التنمية المستدامة.

6. مستقبل مدغشقر: تحديات وفرص

الفرص:

تطوير الزراعة المستدامة والسياحة البيئية.

استثمارات في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.

تحسين الحكم المحلي وشفافية الانتخابات.

التحديات:

هشاشة المؤسسات السياسية وغياب العدالة الاجتماعية.

التغير المناخي والظواهر الجوية المتطرفة، مثل الأعاصير والفيضانات.

النزاعات الداخلية المحدودة بين الجماعات القبلية والمناطقية على الموارد.

التوقعات: إذا تم بناء مؤسسات قوية واستغلال الموارد البيئية والاقتصادية بشكل شفاف، يمكن أن تتحول مدغشقر إلى نموذج استقرار نسبي في شرق أفريقيا. أما إذا استمر الفساد والاختلال السياسي، فقد تواجه مزيدًا من الانقسامات الاجتماعية والفقر المزمن.

7. توصيات حقوقية وسياسية

تعزيز مؤسسات الحكم الرشيد ومكافحة الفساد.

حماية البيئة والموارد الطبيعية لضمان التنمية المستدامة.

إشراك المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات وإدارة الموارد.

دعم برامج التعليم والصحة لتحسين المؤشرات الاجتماعية.

العمل مع المجتمع الدولي لتوفير الاستقرار الاقتصادي والأمني.

في تطور سياسي مفاجئ، شهدت مدغشقر في أكتوبر 2025 أزمة سياسية حادة أدت إلى الإطاحة بالرئيس أندريه راجويلينا وتولي العقيد ميشيل راندريانيرينا، قائد وحدة النخبة العسكرية "كابساط"، رئاسة البلاد.

 خلفية الأزمة

بدأت الاحتجاجات في سبتمبر 2025 بقيادة حركة "الجيل زد"، التي نظمت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، احتجاجًا على انقطاع الكهرباء والمياه في العاصمة أنتاناناريفو. تطورت الاحتجاجات بسرعة لتصبح حركة تطالب بإصلاحات سياسية شاملة. في 11 أكتوبر، انحازت وحدة "كابساط" إلى المتظاهرين، مما أدى إلى سيطرتهم على "ساحة 13 مايو" الرمزية. في اليوم التالي، فرّ الرئيس راجويلينا إلى دبي، وأدى العقيد راندريانيرينا اليمين الدستورية كرئيس انتقالي

Reuters

 ردود الفعل الدولية

الاتحاد الإفريقي: أدان الانقلاب وأعلن تعليق عضوية مدغشقر في جميع هيئات الاتحاد حتى يتم استعادة النظام الدستوري

Financial Times

الأمم المتحدة: أعرب الأمين العام أنطونيو غوتيريش عن قلقه العميق من الوضع، داعيًا إلى العودة السريعة إلى النظام الدستوري واحترام حقوق الإنسان

AP News

وكالة S&P: وضعت التصنيف الائتماني لمدغشقر تحت المراقبة السلبية، مشيرة إلى أن عدم الاستقرار السياسي قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي والإصلاحات

Financial Times

 الوضع الداخلي

رغم تعهد العقيد راندريانيرينا بتشكيل حكومة انتقالية لمدة تصل إلى عامين، فإن الشكوك تساور العديد من المواطنين، خاصة من حركة "الجيل زد"، بشأن مدى التزام الجيش بالإصلاحات الحقيقية

The Guardian

 المستقبل المتوقع

إذا تمكنت مدغشقر من استعادة النظام الدستوري بسرعة، فقد تشهد مرحلة انتقالية تؤدي إلى انتخابات حرة. ومع ذلك، فإن استمرار الانقسامات السياسية والاقتصادية قد يطيل فترة عدم الاستقرار.

 الكرتي ناشط حقوقي

19 أكتوبر 2025م- منقول من عدة مصادر