تقرير تحليلي: زيارة مبعوث البرهان السرية إلى إسرائيل ومحاولات تطبيع جديدة وسط صراع السودان
تقرير تحليلي: زيارة مبعوث البرهان السرية إلى إسرائيل ومحاولات تطبيع جديدة وسط صراع السودان
صادر عن مركز الحقيقة والمعرفة – الكرتي الناشط الحقوقي
مقدمة
في خضم الحرب الأهلية الدائرة في السودان منذ أبريل 2023، تبرز تحركات دبلوماسية غير معلنة تقودها القيادة العسكرية السودانية بهدف تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية تعزز موقفها في النزاع الداخلي. أحدث هذه التحركات تمثل في زيارة سرية قام بها الفريق أول صديق إسماعيل، المبعوث الشخصي للجنرال عبد الفتاح البرهان، إلى إسرائيل، وفق ما أفادت به تقارير إعلامية سودانية.
هذه الزيارة تحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز مسألة التطبيع الثنائية، إذ ترتبط بمحاولات إعادة تموضع السودان في المعادلات الإقليمية والدولية، خصوصًا في ظل التوترات بين السودان ودول الخليج، وكذلك التحولات في علاقاته مع إيران.
خلفية الزيارة
أفادت تقارير بأن المبعوث السوداني التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمناقشة استكمال عملية التطبيع التي بدأت قبل خمس سنوات وترتيب انضمام السودان إلى "اتفاقات أبراهام". جاء ذلك في إطار مساعٍ للحصول على دعم إسرائيلي، بما في ذلك دعم عسكري محتمل، مقابل التزامات سودانية تجاه إسرائيل.
كما سعت الزيارة إلى تقديم البرهان بصورة إيجابية أمام الإدارة الأمريكية الجديدة، وتخفيف حدة التوتر مع الإمارات التي أبدت تحفظات متزايدة على دور الجيش السوداني خلال الحرب الحالية.
البعد الإيراني
أحد العناصر اللافتة في هذه الزيارة هو محاولة تبرير التقارب السوداني الأخير مع إيران، والذي أثار مخاوف إسرائيل. المبعوث أوضح أن هذا التقارب جاء نتيجة ضغوط دولية وعزلة خانقة يعيشها السودان منذ اندلاع الحرب. البرهان – بحسب المصدر – أكد أن خيار إيران لم يكن تفضيليًا بل اضطراريًا، وأنه لا يزال يرى في إسرائيل شريكًا محتملاً لتجاوز أزماته الداخلية.
الرهانات الإسرائيلية والسودانية
-
من الجانب السوداني:
يسعى البرهان إلى كسب دعم عسكري مباشر أو غير مباشر يمكنه من حسم المعركة مع قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). كما يراهن على أن أي تقارب مع إسرائيل قد يمنحه شرعية دولية ويعيد السودان إلى دائرة الاهتمام الغربي. -
من الجانب الإسرائيلي:
تنظر إسرائيل إلى السودان باعتباره موقعًا استراتيجيًا مهمًا في البحر الأحمر وبوابة لمكافحة النفوذ الإيراني في إفريقيا. لكنها مترددة في تقديم دعم عسكري مباشر خوفًا من الانخراط في صراع داخلي معقد، خصوصًا مع تراجع الاستقرار الإقليمي.
انعكاسات محتملة على الصراع السوداني
هذه الخطوة قد تؤدي إلى:
-
تصعيد داخلي إذا استغلها خصوم البرهان لتصويره كخائن أو متحالف مع قوى خارجية.
-
تسريع التوازنات الإقليمية في البحر الأحمر، حيث تتنافس إسرائيل وإيران ودول الخليج على النفوذ.
-
إعادة خلط الأوراق الدبلوماسية، إذ قد تفتح نافذة لتسوية سياسية أو، على العكس، تعقّد الصراع بتحويله إلى ساحة مواجهة إقليمية بالوكالة.
تقييم حقوقي وأخلاقي
-
تجاهل معاناة المدنيين: بينما تسعى القيادة العسكرية السودانية لتطبيع العلاقات الخارجية، تستمر الكارثة الإنسانية في دارفور والفاشر ومناطق أخرى، حيث يُستخدم الحصار والجوع كسلاح حرب.
-
صفقات سياسية على حساب الشعب: أي اتفاق تطبيع في ظل هذه الظروف سيُنظر إليه كصفقة نخبوية لا تعكس إرادة السودانيين ولا تلبي احتياجاتهم الأساسية.
-
مسؤولية المجتمع الدولي: على المجتمع الدولي الضغط أولًا لإنهاء الانتهاكات الإنسانية قبل دعم أي مسار سياسي أو دبلوماسي جديد.
خاتمة
زيارة مبعوث البرهان لإسرائيل تعكس حالة الاضطرار التي تعيشها القيادة السودانية في ظل صراع طويل الأمد ومعقد. ورغم ما قد تحمله من وعود لدعم عسكري أو مكاسب سياسية، فإن تجاهل البعد الإنساني للأزمة سيجعل أي اتفاق تطبيع هشًّا ومرفوضًا شعبيًا.
إن مركز الحقيقة والمعرفة – الكرتي الناشط الحقوقي يدعو جميع الأطراف الدولية إلى:
-
التركيز على حماية المدنيين وفتح ممرات إنسانية.
-
ربط أي دعم سياسي أو عسكري بوقف الانتهاكات بحق المدنيين.
-
ضمان أن تكون أي خطوات تطبيع نابعة من توافق شعبي حقيقي وليس صفقات فوقية.
مركز الحقيقة والمعرفة – الكرتي الناشط الحقوقي
2025

تعليقات
إرسال تعليق