أي وطن يسكنه الأغنياء القادمون من الشمال، ويُهجّر فيه الزنوج إلى سفوح الجبال ومخيمات الموت؟

 

من قلب الموت: السودان وطن القبور لا القصور

بقلم: مركز الحقيقة والمعرفة – الكاتب الكُرتي

https://h-alkrty.blogspot.com

▪️ أي وطن هذا؟

أي وطن يُجبر أبناءه الزنوج على بناء القصور، ثم يدفنهم في القبور؟

أي وطن يسكنه الأغنياء القادمون من الشمال، ويُهجّر فيه الزنوج إلى سفوح الجبال ومخيمات الموت؟

ألم يكن يفترض أن يكون هذا الوطن للجميع لا لفئة تدّعي "النقاء العرقي" زورًا وبهتانًا؟

▪️ أي علم هذا؟

لماذا يجب علينا الاعتراف بعلم يرفرف فوق رؤوسنا كرمز للتمييز؟

أليس هذا هو نفس العلم الذي ظل يرفرف فوق المجازر؟

هل يمثلنا علمٌ ترعاه دولة مارست الإقصاء منذ استقلالها حتى الآن؟

أليس هو نفس العلم الذي حُمل فوق ظهور الجنود الزنوج ليُقذفوا إلى جبهات الموت دون رجعة؟

▪️ أي نشيد هذا؟

"نحن جند الله، جند الوطن"...

لكن من هم هؤلاء الجنود؟

هل هم الزنوج الذين يُساقون كالعبيد إلى ميادين الوغى؟

هل هم أبناء الفقراء الذين يموتون لتبقى الامتيازات حكرًا على الطبقة المُختارة؟

كيف لنا أن نردد نشيدًا وطنيًا يعلن الولاء لوطن لم يعترف بإنسانيتنا؟

منذ متى صارت الوطنية تعني أن تموت صامتًا دون أن يُرفع نعشك في نشرة الأخبار؟

▪️ أي عدالة هذه؟

لماذا لا يُدفن القتلى من أبناء النيل والشمالية والجزيرة في خنادق الحرب مثل غيرهم؟

لماذا يُقاتل أبناء هذه الأقاليم "الدعم السريع" من خلف شاشات هواتفهم، بينما يُذبح أبناء كردفان ودارفور على الأرض؟

لماذا يبقى الزنجي عبدًا في المؤسسة العسكرية، يُقتل دون رتبة، ويُنسى دون أثر؟

هل كتب علينا أن نورث الموت كما نرث الجلد الأسود؟

هل العبودية قدرٌ مكتوب على كل من وُلد في دارفور أو النيل الأزرق أو جنوب كردفان؟

▪️ أي نظام هذا؟

أليس هو نفس النظام الذي يجعل من أطفالنا عمالًا في مزارع قصب السكر؟

أليس هو الذي يجعل أمهاتنا يغسلن ملابس "السادة" الداخلية في البيوت؟

أليس هو الذي يتركنا نأكل الفتات، بينما تُنقل الخيرات إلى قصور الخرطوم ومزارع الجزيرة؟

أليس هو الذي يصمت عن مجازر الزنوج ويستيقظ فقط حين تُمسّ مصالحه العرقية؟

▪️ إلى متى؟

إلى متى سنبقى عبيدًا في وطننا؟

إلى متى سنموت بصمت؟

إلى متى سنصمت عن وطنٍ يقتل أبناءه ثم يطالبهم بالنشيد؟

إلى متى سيبقى تاريخ السودان مسطّحًا دون أن يُكتب فيه أن الزنوج ماتوا لأنهم زنوج فقط؟

▪️ صوتنا من قلب الموت:

نحن في مركز الحقيقة والمعرفة نعلنها بوضوح:

لسنا جنودًا لهذا الوطن القاتل.

لن نردد نشيده، ولن نرفع علمه، ولن نمجّد جلاده.

نكتب هذا من قلب القبر، من حزن الزنجي، من جوع الطفل، ومن دم الشهداء الذين لا قبور لهم.

كفى عبودية.

كفى تهميشًا.

كفى موتًا في صمت.



 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أدلة على القتل الجماعي والتخلص من الجثث في مقبرة جماعية قرب مستشفى الأطفال السابق في الفاشر

حسن البرهان، شقيق عبد الفتاح البرهان، جمع ثروة طائلة تقدر بأكثر من 93 مليون دولار أمريكي

تقارير دولية وأبحاث مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل، وبوضوح من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية : الجنجويد والحكومة التأسيسية ينقلان جثث الضحايا إلى الصحارى لطمس الأدلة