الكرتى يكتب ويقول: الحركة الشعبيّة لامحالة الى زوال وفشل عميقين – إنْ لمْ يتدارك قادته مدى الخُبث والمؤامرات التي تُحاك ضِدهُ



الحركة الشعبيّة لامحالة الى زوال وفشل عميقين – إنْ لمْ يتدارك قادته مدى الخُبث والمؤامرات التي تُحاك ضِدهُ

الكرتى

محامي

وسوف نورد الأسباب المنطقيّة والواقعيّة والموضوعيّة، وذلك على هذا النحو:

 أولا:

في ظل عدم الاستقرار الذي يشهده جنوب السّودان، وذلك بعد فترة قصيرة من رحيل قائدها الأول – الدكتور – جون قرنق، حيث إنه لا يمر يوماً وإلاّ وكالات الأنباء المحليّة والدوليّة، تُحيطنا علما ونبأ، بسقُوط مئات الأشخاص، في ربوع جنوبنا الحبيب، كنتيجة طبيعيّة لنشُوب حروب أهليّة خطيرة، في مناطق متفرقة من جنوب السّودان. 

والحقْ أنّ قبائل جنُوب السّودان، بما فيها القبائل النيليّة الكبرى، وغيرها من القبائل الأُخرى، ليس بينها أدنى مقومات الاتفاق والقبول والوحدة، ناهيك من أنْ يكون الجنُوب دولة مستقلة بشعب ينتشر بينهم العداوة والبغضاء والكراهية، وعدم قبول الأخر، ليس هذا في الجنوب فحسب، بل في مناطق أخرى في السُّودان وحول العالم المتحضر والمتمدن أيضا الذي هاجر إليها بعض أبناء جنُوب السّودان، والواقع خير شاهد على ذلك. 

نعلم جيداً وكل المتابعين للشأن الإفريقي بصورة عامة، والوضع في السّودان على وجه الخصوص، أنّ عصابة المؤتمر الوطني في السّودان، تسعى جاهدة، وبما أوتيت من قوة ومال ومكر، وخبث، من أجل زرع بذور الفتنة والتفرقة والكراهيّة والعنصريّة والبغضاء، والتحريض على العنف والقتل والتشريد، وإطالة حالة عدم الاستقرار في جنُوب السُّودان لأطول فترة زمنيّة ممكنة، حتى تضعف الحركة الشعبيّة لتحرير السُّودان رويدا رويدا. وهذا ما لا تتدركه القيادة للأسف في الحركة الشعبيّة – إن المخطط كبير وإستراتيجي وينفذ بطريقة ماكرة وخبيثة , وفى كثير من الأحيان بأيدي الجنوبيين أنفسهم – إنها خدمة مجانيّة تقدم لسفاكي الدماء والقتلة , ومرتكبي جرائم الإبادة الجماعيّة , وجرائم الحرب , والجرائم ضد الإنسانيّة , ضد القبائل الأصليّة في إقليم دارفور – المنطقة الواقعة في غرب السُّودان الذى يشهد أكبر , وأعظم كارثة إنسانيّة على مستوى العالم في الوقت الراهن – حيث تم قتل البشر كالذباب, وبطريقة منهجيّة ومنظمة وعلى نطاق واسع من إقليم دارفور , وذلك بقصد القضاء على القبائل الأصليّة في الإقليم والعمل على خلخلة التوازن الديمغرافي في الإقليم. 

نعلم جيداً والجميع يعلم، أن عصابة المؤتمر الوطني في السّودان، تقوم بتسليح قبائل بعينها في الجنوب، وتحريضها ضد قبائل أخرى على العنف، وهذا ما أكدته الحركة الشعبيّة لتحرير السُّودان، وذلك عندما ضبطت كميات كبيرة من الأسلحة في أيدي بعض القبائل، والتي مصدرها مصانع حربيّة في الخرطوم التي تصدر السلاح والفكر الماكر على السُواء. 

ثانيا:

في ظل الانقسام الحاد الذي يتعرض له الحركة الشعبيّة من حين لآخر، والذي يؤدى بدوره حتماً الى ضُعف تماسك الحركة، ومؤخراً نجح المؤتمر الوطني بإقناع – الدكتور – لام أكول، بالانفصال عن الحركة الشعبيّة، وتكوين حزب جديد، أطلق عليه اسم – الحركة الشعبيّة لتحرير السُّودان التغيير والديمقراطيّة، أي ديمقراطيّة تقصدون؟ ونعتقد أنّ هذا الحزب ما هو ألا وجه أخر للمؤتمر الوطني، وأداة من أدوات المكر والخبث لزرع بذور الفتنة والانشقاق في قيادة الحركة الشعبيّة، والتقليل من شعبيتها في جنوب السّودان، وهذا ما حققته حكومة المؤتمر الوطني، والغريب في تجد بعض القادة الجنوبيين الشباب يدافعون عن المؤتمر الوطني بكل ضمير وإخلاص، وإذا ما قدمت له عربة هدية فإنه مستعد لتقديم مهجته من أجل المؤتمر الوطني، أليس هذا شيء عُجاب؟

ثالثا:

في ظل عدم التنميّة الحقيقيّة في جنُوب السُّودان، حيث ما يزال المواطن الجنوبي محروم من أدني المقومات الأساسيّة للحياة، وذلك مثل الخدمات الأساسيّة التي يحتاجها الإنسان من صحة وتعليم وغذاء، وغيرها – أين تذهب كل تلك المليارات من الدولارات التي تضخ في خزينة الحركة الشعبية لتحرير السودان؟

رابعا:

في ظل الفساد الإدراى والمالي الخطير الذي يتمتع به قادة الحركة الشعبية، وإذا لم يكن هناك فساد مالي وإداري خطير، كما يزعم بعض القادة في الحركة الشعبيّة، يجب عليهم أن يطرحوا أجوبة موضوعيّة ومنطقيّة وواضحة، على تساؤلات كثيرة طُرحتْ من قبل، أين تذهب كل تلك المليارات من الدولات؟ ولماذا لا توظف كل تلك الأموال في مشاريع التنميّة الحقيقيّة التي يحتاجها المواطن الجنوبي بشغف، وحتى يشعر المواطن الجنوبي أيضا بالثقة تجاه القادة، وأنهم أي القادة الجنوبيين، بمقدورهم إدارة شئون جنوب السُّودان بكل ديمقراطيّة وشفافيّة وحكم رشيد، يضمن له ولإنبائه الصغار مستقبل مشرق.

والحقْ أننا لا نشجع على قيام دولة في جنُوب السُّودان , لأن مصيرهُ سوف يكون الفشل العميق لامحالة في ذلك, والأسباب كلها واضحة للعيان , ولا تحتاج الى معاناة في التفكير والتمعن , هذا فضلاً عن الصعوبات الجمّة التي تعانى منها الدول الحبيسة والساحليّة في العالم ( دول وجزر تعانى أوضاعا خاصّة ), إذاً لما ذا يصر بعض قادة الحركة الشعبية على الانفصال , وتكوين دولة مستقلة , وهم أول من يعلمون أن دولتهم سوف تولد جثة هامدة لا حراك فيها ولا استقرار, بل سوف تكون لقمة سائغة لدول أخرى مجاورة , ولكن ندرك أنه بمقدور قادة الحركة الشعبيّة لتحرير السُّودان , أن يساهموا في إدارة شئون السّودان كليا , هذا اسهل بكثير من إدارة الجنوب جزئيا , ولكن بشرط أن يتمسك قادة الحركة بمبادئ العدالة والحكم الرشيد , والديمقراطيّة , واحترام حقوق الإنسان , وإطلاق الحريات , ومحاربة الفساد والمحسوبية والتفرقة العنصريّة والاستبداد والتسلُط والقسوة والاضطهاد . 

خامسا:

في ظِل الهجمات المستمرة التي يقوم بتنفيذها، ثوار – جيش الرب للمقاومة، في الجنوب، والتي أجبرت الآلاف الأشخاص المدنيين على مغادرة ديارهم، بل وتسببت تلك الهجمات في تفاقم الاحتياجات الإنسانيّة، بشكل مثير لقلق المجتمع الدولي، وذلك حسب تحذيرات مسئولي الأمم المتحدة العاملين في جنُوب السُّودان.

ومؤخرا أدت هجمات ثوار – جيش الرب للمقاومة الى بث حالة من الزعر والاستقرار، خاصةً في المناطق المُتاخِمة لجمهورية الكنغو الديمقراطية، وجمهورية أفريقيا الوسطى، مما أجبرت الأمم المتحدة على وقف أنشطتها الإنسانيّة في تلك المناطق. والجميع يعلم أن – جيش الرب للمقاومة – مدعوم بشكل مباشر من قبل المؤتمر الوطني في السُّودان. 

في ظل التحذيرات الجديّة التي تطلقها الأمم المتحدة من حين لآخر حول الوضع الغذائي في جنُوب السُّودان، ومؤخرا صرح مسئولي الأمم المتحدة للشئون الإنسانيّة، أن الجنوب بأكمله قد يواجه نقصا حاداً وخطيراً في المواد الغذائيّة، وهذه التحذيرات تجعلنا نطرح سؤالاً أخرا لقادة الحركة الشعبية – لماذا لا يضمن قادة الحركة غذاء ودواء وكساء ومأوى مواطن جنُوب السُّودان؟ إذا كان هذا ليس بمقدور قادة الحركة فكيف يكون بمقدورهم إدارة دولة تتمتع بالاستقلال التام؟ وكيف يصوت المواطن الجنوبي لصالح الانفصال في ظل هذه الحالة المزريّة؟ - ومن الجدير بالذكر أن مجلس الشعب حكومة جنُوب السُّودان ليس بمقدوره أن ينفرد بالتصويت لصالح الانفصال أو الوحدة – وإنما هذا الحق كفله اتفاقية نيفاشا لمواطن جنوب السُّودان، وفى الوقت المحدد لذلك – العام 20011م.  وفى سياق اللازمة الغذائيّة التي قد يعاني منها جنوب السُّودان، طلب مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانيّة وبصورة عاجلة، مبلغ وقدره 50 مليون دولار، لتجنب الجنوب مجاعة كارثيّة، والعمل على سد الفجوة الغذائية الحالية.

سادسا:

في ظل الاتهامات المتبادلة بين شريكي الحكم في السُّودان (المؤتمر الوطني الخبيث – الحركة الشعبيّة التي يشوبها الفساد والتخلخل الداخلي)، والتباطؤ، بل السلحفائيّة المتعمدة من قبل المؤتمر الوطني في تنفيذ اتفاقية السّلام التي وقعت بين طرفي الحكم مؤخرا في المدينة الكينية نيفاشا 2005م، والتي بموجبها تم إيقاف حرب امتدت عقدين من الزمان، كأطول حرب أهلية يشهدها القارة الإفريقيّة.

فضلاً عن كمية من المواضيع العالقة بين طرفي الحكم – كالاستفتاء – والتعداد السكاني غير المتفق عليه , والذى بموجبه سوف يتم تنظيم انتخابات رئاسيّة وبرلمانيّة في السُّودان , ونحن نعانى من قلق وتوتر عميقين, في كيفية أن يمر السّودان , وهذا الشعب البائس بسلام من محنة الانتخابات القادمة , والتي من المتوقع أن يزج هذا البلد وشعبه المغلوب على أمره في هاوية عميقة لا أحد يتكهن بمدها , ومن هنا فإننا نحذر كل الأطراف , بعدم التلاعب بهذا الشعب الصابر من اجل سلطة زائفة ومغتصبة , وانتخابات تزور من الآن , أصوات تشترى بحفنة من الجنيهات , وضمائر بشريّة تباع كالسلع الاستهلاكية , وذلك على حساب شعب السودان البائس الذى يرزح تحت نير العنصرية والكراهية والبغضاء والتسلط والتكبر والعنجهية من قبل عصابة المؤتمر الوطني في السودان . 

كل تلك الأسباب وغيرها من أسباب كفيلة، وكافيّة بإسقاط وإفشال الحركة الشعبيّة لتحرير السُّودان، ومثل ما أفشل المؤتمر الوطني حركة وجيش تحرير السُّودان الذي يقوده – أركو – فإنها تسعى أيضا بإفشال الحركة الشعبية، ولكن بخطط ومؤامرات مختلفة، ولكن الهدف واحد، ألا وهو – التمزق – التشتت – الانقسامات الداخلية – الحروب القبلية طويلة الأمد ...الخ.

إن الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – والجيش الشعبي لتحرير السُّودان، في طريقه لامحالة في ذلك، الى الفشل والسقوط، إن لم يتدارك القادة مدى خطورة المؤامرات الإستراتيجيّة، التي تنسج خيوطها منظمات ودول وأفراد.

والأمر الأخير الذي يتفطر ويتمزق منه القلوب، أن الأفراد الذين ينفذون المخطط الإجرامي الخطير الهادف الى تدمير الحركة الشعبيّة لتحرير السُّودان، معظمهم من الجنوبيين أنفسهم. 

إن الأمر خطير وجدي إن لم يتدارك القادة الأمر

الحقيقة والمعرفة، هيئة غير حكومية معنية بالعدالة والحكم الرشيد

 

الكرتى 2019م

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حسن البرهان، شقيق عبد الفتاح البرهان، جمع ثروة طائلة تقدر بأكثر من 93 مليون دولار أمريكي

أثار البيان الأخير الصادر عن "الأمانة العامة للحركة الإسلامية السودانية"، والذي يدعو إلى "الجهاد نصرةً للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، استغراب المراقبين، وطرح تساؤلات جدية حول تورط عبد الفتاح البرهان وتحالفاته مع طهران.

يدين مركز الحقيقة والمعرفة وعلى رأسه الكاتب الكرتى بأشد العبارات البيان الصادر عن ما تُسمى الحركة الإسلامية السودانية والذي يدعو إلى "الجهاد" نصرةً للنظام الإيراني المارق، بذريعة الدفاع عن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" في وجه ما وصفوه بالعدوان الصهيوني.